للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصحيحة، والاكتفاء بالضعيفة.

٤ - لما ترتب عليه من نشوء البدع والخرافات، والبعد عن المنهج الصحيح، لما تتصف به الأحاديث الضعيفة -غالبا- من أساليب التهويل والتشديد بحيث صارت مرتعا خصبا للمتصوفة، فصدتهم عن دين الله الوسط.

وليس معنى هذا رد الحديث الضعيف بالكلية، بل يمكن أن يعمل به في غير مجال الاحتجاج، وذلك بترجيح معنى على غيره، فيما إذا عرض نص يحتمل لفظه معنيين دون ترجيح بينهما، وورد حديث ضعيف يرجح أحدهما، فحينئذ نأخذ بالمعنى الذي رجحه هذا الحديث ولو كان ضعيفا.

ومثال ذلك قوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} (١).

فقوله: تعولوا يحتمل معنيين:

أولهما: أن لا تكثر عيالكم، وبه قال الشافعي.

ثانيهما: أن لا تجوروا ولا تميلوا وبه قال جمهور المفسرين.

وروي عن عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: {ذلك أدنى ألا تعولوا} قال: "أن لا تجوروا". وفي رواية: "أن لا تميلوا" (٢).

وهو حديث ضعيف، قال ابن أبي حاتم: قال أبي: هذا خطأ،


(١) الآية ٣ من سورة النساء.
(٢) رواه ابن أبي حاتم وابن مردويه وابن حبان في صحيحه./ انظر: تفسير ابن كثير ٢/ ٢٠١.

<<  <   >  >>