للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومثال ذلك: إذا وقف شخص على حديث جابر بن عبد الله الذي رواه ابن ماجة: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يطف هو وأصحابه لعمرتهم وحجتهم حين قدموا إلا طوافا واحدًا" (١).

فإذا درس إسناد هذا الحديث وجد فيه ليث بن أبي سليم (٢)، وهو ضعيف، فإنه لا يسوغ له الحكم على هذا الحديث بأنه ضعيف، ويقصد متنه، بل يقول: ضعيف بهذا الإِسناد، وإلا فمتنه صحيح عن جابر من غير هذه الطريق بطرق صحيحة، رواها مسلم في صحيحه وأبو داود والنسائي وغيرهم (٣).

كما أن الواجب على الباحا إذا وجد حديثا بلفظ ما بسند ضعيف، أو نص على تضعيفه، فليقل بعبارة دقيقة، وليتحاش المجازفة في الحكم، كأن يقول: ضعيف بهذا اللفظ، إذ المجازفة في الألفاظ تنافي ما عليه المحدثون من دقة في التعبير.

ومثال ذلك حديث: "إذا حضر العَشاء والعِشاء -بكسر العين وفتحها - فابدأوا بالعَشاء - بالفتح-" (٤).

فالحديث بهذا اللفظ لا أصل له، لكنه صحيح متفق عليه بلفظ: "إِذا


(١) سنن ابن ماجة رقم ٢٩٧٢.
(٢) هو: ليث بن أبي سليم الكوفي الليثي، أحد العلماء، ضعفه يحيى والنسائي، وقال أحمد: مضطرب الحديث، توفى سنة ثلاث وأربعين ومائة.
انظر: الضعفاء للنسائي ص ٩٠، ميزان الاعتدال للذهبي ٣/ ٤٢٠ - ٤٢٣.
(٣) انظر: صحيح مسلم ٨/ ١٦٢ مع النووي، وأبا داود رقم ١٨٩٥، والنسائي ٥/ ١٧٩.
(٤) انظر: فتح الباري ٢/ ١٦٢، تذكرة الموضوعات ص ١٤٢: المقاصد الحسنة ص ٣٨.

<<  <   >  >>