للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وضع العشاء وأقيمت الصلاة فابدأوا بالعشاء" (١).

وإذا عرفنا قيمة السند عند المحدثين، فان للمتن قيمة لا تنقص عن قيمة السند، فكما يحكم بضعف الحديث لضعف سنده لوجود انقطاع فيه أو كذب أو فسق أو بدعة في أحد رواته أو غيرها، فإنه يحكم بضعف الحديث أو وضعه لركاكة في لفظه وفساد معناه، أو مخالفته للدليل القطعي أو مخالفته لحقائق التاريخ المعروفة في عصر النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو غير ذلك من العلامات التي جعلها العلماء علامات في متن الحديث للدلالة على وضعه أو ضعفه (٢).

وكما يحكم بضعف الحديث لوجود علة أو شذوذ أو إدراج أو قلب أو اضطراب أو تصحيف أو تحريف في سنده، فكذلك يحكم بضعفه لوجود هذه الأشياء في متنه كما تقدم.

ولم يكتف المحدثون بما ذكر، بل جعلوا للذوق الفني مجالا في نقد الأحاديث وردها أو قبولها، فكثيرًا ما يقولون: هذا الحديث عليه ظلمة، أو متنه مظلم، أو ينكره القلب، أو لا تطمئن إليه النفس، وليس ذلك بعجيب، فقد قال الربيع بن خثيم (٣): ان للحديث ضوءًا كضوء النهار


(١) رواه البخاري ٩/ ٥٨٤ مع الفتح، ومسلم ٥/ ٤٥ مع النووي.
(٢) انظر: ص ١٤٠، ١٤٥ من هذه الرسالة.
(٣) هو: الربيع بن خثيم بن عائذ، الإمام القدوة العابد، أبو يزيد الكوفي، أحد الأعلام، أدرك زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأرسل عنه، قال له ابن مسعود: يا أبا يزيد لو رآك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأحبك، وما رأيتك إلا ذكرت المخبتين، وقال ابن شاهين: كان من معادن الصدق، ومناقبه كثيرة جدا، توفي قبل سنة خمس وستين.
انظر: الثقات لابن شاهين ص ١٣٠، سير أعلام النبلاء ٤/ ٢٥٨ - ٢٦٢.

<<  <   >  >>