للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أجمع أهل الحديث على أنه كان آخر الصحابة موتا، وغاية ما قيل فيه أنه بقي إلى سنة عشر ومائة، وهي رأس مائة سنة من مقالة النبي -صلى الله عليه وسلم-، والله أعلم (١).

وقال ابن بطال (٢): إنما أراد الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن هذه المدة تخترم الجيل الذي هم فيه، فوعظهم بقصر أعمارهم، وأعلمهم أن أعمارهم ليست كأعمار من تقدم من الأم ليجتهدوا في العبادة (٣).

وقال الزركشي معقبًا على قولهم في أمارات الوضع: ومنها مخالفته لمقتضى العقل بحيث لا يقبل التأويل، قال: هذا إن لم يحتمل أن يكون سقط من المروي على بعض رواته ما تزول به المنافاة كحديث: "لا يبقى على ظهر الأرض بعد مائة سنة نفس منفوسة"، فإنه سقط على راويه لفظة "منكم" (٤).

فليس في الحديث -إذا- مخالفة للواقع كما ادعوا، ولو كانوا ممن يريدون الحق لاستقصوا طرق الحديث، وظفروا بما يعينهم على الفهم الصحيح، وعدم التجني على السنة ورجالها.


= انظر: الإصابة لابن حجر ٧/ ٢٣٠ - ٢٣١.
(١) فتح الباري ٢/ ٧٥.
(٢) هو: علي بن خلف بن بطال البكري أبو الحسن القرطبي المالكي، يعرف بابن اللجام، كان من أهل العلم والمعرفة والفهم، مليح الخط، حسن الضبط، عني بالحديث عناية تامة.
له: شرح البخاري في عدة أسفار، وغيره. توفى سنة تسع وأربعين وأربعمائة.
انظر: الديباج المذهب لابن فرحون ٢/ ١٠٥ - ١٠٦، الصلة لابن بشكوال ٢/ ٤١٤.
(٣) انظر: شرح الكرماني على البخارى ٢/ ١٣١ - ١٣٢، فتح الباري ١/ ٢١٢.
(٤) انظر: تنزيه الشريعة لابن عراق ١/ ٦، تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة ص ٩٩، المعتصر من المختصر ٢/ ٢٦٠ - ٢٦١.

<<  <   >  >>