للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد وجه القاضي عياض تخصيص العدد بالسبع قائلا: وأما التخصيص بهذا العدد فجاء في الشرع منه كثير، فجاء في هذا، وفي قوله: "صبوا عليه من سبع قرب" (١)، وفي غسل الإِناء من ولوغ الكلب سبعا (٢)، وفي قوله: {أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ} الآية (٣). وهو مبالغة في كثرة عدد الأوتار والأشفاع، لأنه زاد على نصف العشرة، وفيه ثلاثة أشفاع، وأوتار أربعة، فجمع الوتر والشفع، كما أن السبعين مبالغة في كثرة العشرات في قوله تعالى: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً} الآية (٤). كما أن السبعمائة مبالغة في كثرة المئين في قوله: "إلى سبعمائة ضعف" (٥)، وقد توضع السبع موضع التكثير، ولا يراد بها السبع حقيقة (٦).

أما الإِمام النووي فقد رد هذين القولين -قول المازري والقاضي عياض- وأبطلهما، وأوصى بعدم الالتفات إليهما أو التعريج عليهما، وقال: إن تخصيص عدد السبع من الأمور التي علمها الشارع، ولا نعلم نحن حكمتها، فيجب الإِيمان بها واعتقاد فضلها والحكمة فيها، وهذا


(١) رواه البخاري ١/ ٣٠٢ مع الفتح بلفظ: "أهريقوا"، وأحمد ٦/ ١٥١.
(٢) أخرجه البخاري ١/ ٢٧٤ مع الفتح، ومسلم ٣/ ١٨٢ - ١٨٣، مع النووي، وأبو داود رقم ٧١ - ٧٤، والترمذي رقم ٩١، والنسائي ١/ ٥٤، وابن ماجه رقم ٣٦٣، ٣٦٤، وابن خزيمة ١ - ٥٠/ ٥١.
(٣) الآية ٢٦١ من سورة البقرة.
(٤) الآية ٨٠ من سورة التوبة.
(٥) في قوله -صلى الله عليه وسلم-: "الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف". الحديث رواه البخاري ١/ ٩٨ مع الفتح، والنسائي ٨/ ١٠٥ - ١٠٦، وابن ماجه رقم ١٦٣٨، والإمام مالك في الموطأ ١/ ٣١٠.
(٦) انظر: الأبي على مسلم ٥/ ٣٥٤، فتح الباري ١٠/ ٢٤٠.

<<  <   >  >>