للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} الآية (١). على أن القرآن قد حوى كل شيء فلسنا بحاجة إلى غيره.

وقد أجاب الإِمام الشافعي عن هذه الشبهة: بإن الله تعالى قد نص على السنة في كتابه الكريم في قوله: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} الآية (٢).

والحكمة هي سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وعلى هذا فالقرآن الكريم قد احتوى على سنته عليه الصلاة والسلام حين نص على أنها جزء من التبليغ للرسالة. فإذا كان القرآن قد اشتمل على السنة؛ وجب علينا أن نأخذ بها؛ وألا نكون كمن آمنوا ببعض الكتاب وكفروا ببعضه: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ} الآية (٣) إلخ (٤).

وما زالت الاتهامات تتابع على السنة، والأقواس تسدد في نحرها على مر العصور حتى تسلم زمام حلبة هذا الصراع الملاحدة المتأخرون، ومن يسمون بالمستشرقين، ولا عجب أن يصدر منهم هذا، لأن قصدهم النيل من الإِسلام وتشكيك أهله فيه، لكن الأمر المستغرب أن ينزج في هذه الحلبة ثلة ممن يدعون الإِسلام فيقلدون أولئك المغرضين بلا بصيرة ولا تدبر ومن غير فهم لمراد أولئك.


(١) الآية ٨٩ من سورة النحل.
(٢) الآية ٢ من سورة الجمعة.
(٣) الآية ٨٥ من سورة البقرة.
(٤) جماع العلم للشافعي المطبوع مع الأم له ٧/ ٢٧٣ - ٢٧٤.

<<  <   >  >>