للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعصرها ويقطر عينه بمائها، فإن أصابهم العمى جميعا كان الحديث مكذوبا، وإلا كان صحيحا .. ونحن نسأله؟ أن أبا هريرة والنووي والأطباء قديما جربوا الكمأة فوجدوها نافعة للعين، فهل قام هو بمثل هذه التجربة فأصابه مكروه؟ أم هل سمع أن أحدا فعل ذلك فأصابه مكروه؟ وهل استقرأ جميع جزئيات الكمأة على اختلاف أنواعها فوجدها تخالف الحديث؟ ولو سلمنا أنه قام بمثل هذه التجربة فلم تنجح، أليس لنا أن نسأله: هل تحققت أن الكمأة التي حللتها وقمت بتجربتها هي عين الكمأة التي تنبت في أرض الحجاز في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم-، والتي أخبر الحديث عن خاصيتها؟ وهل بلغ الطب اليوم نهايته حتى إذا خالف الحديث جاز لكم أن تحكموا بكذب الحديث ووضعه؟ (١).

وأخيرا ليس بغريب أن تتعرض سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمصدر الثاني من مصادر التشريع الإِسلامي لهذه الحملة المسعورة والهجوم العنيف من أعداء الإِسلام فقد وجد هذا في عصر الرسالة المحمدية، والرسول -صلى الله عليه وسلم- حي، فهذه قريش تنهى عبد الله بن عمرو بن العاص عن الكتابة معللة بأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- بشر يتكلم في الغضب والرضا، فأمسك عن الكتابة، وقد تولى الرسول -صلى الله عليه وسلم- الإِجابة بنفسه عن هذه الشبهة قائلا لعبد الله بن عمرو: "اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إِلا حق" (٢). يعني: فمه.

وهذا الإِمام الشافعي يذكر أن بعض من ينتسب إلى العلم ناقشه في مسألة السنة والاحتجاج بها زاعما أن القرآن يكفي مستدلا بقوله تعالى:


(١) السنة ومكانتها في التشريع ص ٢٨٦.
(٢) رواه أحمد ٢/ ١٩٢، وأبو داود رقم ٣٦٤٦، والدارمي ١/ ١٠٣، والخطيب البغدادي في تقييد العلم ص ٧٤ - ٨٣، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله ١/ ٧١.

<<  <   >  >>