للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل الخلافُ يشملُ ما لو اختلفَ المجتهدون على ثلاثةِ أقوالٍ أو أربعةٍ، فهل لمجتهدِ العصرِ اللاحقِ أنْ يحدثَ قولًا رابعًا، أو خامسًا؟ فالتعبير بالقولينِ مِنْ بابِ التمثيلِ (١).

الأمر الثاني: أنَّ المسألةَ مقيّدةٌ باستقرارِ الخلافِ على قولين أو أكثر، أمّا إذا كان الخلافُ على القولين غيرَ مستقرٍّ، فالقياسُ جوازُ إحداثِ قولٍ ثالثٍ (٢).

يقولُ الشوكانيُّ: "ثمَّ لا بُدَّ مِنْ تقييدِ هذه المسألةِ بأنْ يكونَ الخلافُ فيها على قولين أو أكثر قد استقر، أمَّا إذا لم يستقرْ فلا وجهَ للمنعِ مِنْ إحداثِ قولٍ آخر" (٣).

• الأقوال في المسألة:

اختلفَ العلماءُ في مسألةِ: (حكمِ إحداثِ أهلِ العصرِ اللاحق قولًا ثالثًا) على أقوال، أشهرها:

القول الأول: لا يجوزُ إحداث قولٍ ثالثٍ في المسألةِ مطلقًا.

وهذا مذهبُ أكثرِ الحنفيةِ (٤)، ومذهبُ المالكيةِ (٥)، والشافعيةِ (٦)، والحنابلةِ (٧).

ونَسَبَه إمامُ الحرمين الجويني إلى معظمِ المحققين (٨). ونَسَبَه أبو حامد الغزالي إلى الجماهيرِ (٩). ونَسَبَه أبو الخطابِ (١٠)، وابنُ بَرْهان (١١) إلى أكثرِ


(١) انظر: البحر المحيط (٤/ ٥٤٣).
(٢) انظر: المصدر السابق (٤/ ٥٤٤). وحين عرضت بعض المصادر الأصولية مسألة: (إحداث قولٍ ثالث) أشارت إلى اعتبار قيد استقرار الخلاف شرطًا للخلاف في المسألة. انظر مثلًا: إحكام الفصول (ص / ٤٩٩)، والتبصرة (ص/ ٣٨٧)، وشرح اللمع (٢/ ٧٣٨)، وقواطع الأدلة (٣/ ٢٦٥)، والواضح في أصول الفقه (٥/ ١٦٥).
(٣) إرشاد الفحول (١/ ٤١٠).
(٤) انظر: أصول السرخسي (١/ ٣١٠).
(٥) انظر: إحكام الفصول (ص/ ٤٩٧).
(٦) انظر: شرح اللمع (٢/ ٧٣٨)، وقواطع الأدلة (٣/ ٢٦٤)، والبحر المحيط (٤/ ٥٤٠).
(٧) انظر: العدة (٤/ ١١١٣)، وأصول الفقه لابن مفلح (٢/ ٤٣٧).
(٨) انظر: البرهان (١/ ٤٢٥).
(٩) انظر: المستصفى (١/ ٣٦٦).
(١٠) انظر: التمهيد في أصول الفقه (٣/ ٣١١).
(١١) انظر: الوصول إلى الأصول (٢/ ١٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>