للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدليل الثاني: أنَّ القولَ بجوازِ إحداثِ قولٍ ثالثٍ يفضي إلى نسبةِ الأُمّةِ في العصرِ السابقِ إلى تفويتِ الحقِّ وتضييعِه والغفلةِ عنه، وهذا محالٌ غيرُ جائزٍ، وما أفضى إلى محالٍ فإنَّه لا يجوزُ الذهابُ إليه (١).

وقد عبَّر بعضُ الأصوليين عن الدليلِ الثاني بالآتي: لو جازَ إحداثُ قولٍ ثالثٍ، فإنَّه لا يخلو: إمَّا أنْ لا يكون عن دليلٍ، وإمَّا أنْ يكونَ عن دليلٍ: فإن كانَ عن غيرِ دليلٍ، فالقولُ به ممتنعٌ؛ وإن كانَ عن دليلٍ، فهو ممتنعٌ؛ لإفضائِه إلى نسبةِ الأمةِ إلى تضييعِ الحقِّ (٢).

أدلةُ أصحابِ القولِ الثاني (القائلين بالجواز مطلقًا):

استدلَّ أصحابُ القولِ الثاني بأدلةٍ، منها:

الدليل الأول: أنَّ اختلافَ المجتهدين في المسألةِ على قولين أو أكثر، دليلٌ على أنَّها اجتهادية، وأنَّه يسوغ الاجتهادُ فيها، والقولُ الذي قاله المجتهدُ في العصرِ اللاحق نَشَأَ عنْ اجتهادٍ، فكانَ جائزًا (٣).

مناقشة الدليل الأول: إنَّ ما ذكرتموه في دليلِكم لا يدلُّ على مطلوبكم - وهو جواز إحداث قول ثالث - وإنَّما يدلُّ على أحدِ أمرين:

الأمر الأول: أنَّ مجتهدي أهل العصرِ الأول سوغوا الاجتهادَ في


(١) انظر: شرح اللمع (٢/ ٧٣٨)، والتبصرة (ص/ ٣٧٨)، وقواطع الأدلة (٣/ ٢٦٦)، والمستصفى (١/ ٣٦٧)، والمحصول في علم أصول الفقه للرازي (٤/ ١٢٩)، وشرح تنقيح الفصول (ص/ ٣٢٦)، وشرح مختصر الروضة (٣/ ٨٩).
(٢) انظر: الإحكام في أصول الأحكام للآمدي (١/ ٢٦٨)، ونهاية الوصول للهندي (٦/ ٢٥٣٠)، وتيسير التحرير (٣/ ٢٥٢).
(٣) انظر: المعتمد (٢/ ٥٠٦)، وشرح العمد (١/ ٢١٣)، والعدة (٤/ ١١١٣)، وإحكام الفصول (ص/ ٨٧)، والتبصرة (ص/ ٣٨٨)، وشرح اللمع (٢/ ٧٣٨)، وقواطع الأدلة (٣/ ٢٦٥)، والمستصفى (١/ ٣٦٧)، والتمهيد في أصول الفقه لأبي الخطاب (٣/ ٣١٢)، والواضح في أصول الفقه (٥/ ١٦٥)، والإحكام في أصول الأحكام للآمدي (١/ ٢٧١)، ومختصر منتهى السول لابن الحاجب (١/ ٤٨٨)، ونهاية الوصول للهندي (٦/ ٢٥٣٣)، وشرح مختصر الروضة (٣/ ٨٩)، وتيسير التحرير (٣/ ٢٥٣)، وفواتح الرحموت (٢/ ٢٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>