للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرق الثالث: ليس مِن الأمورِ المفروضةِ على المجتهدين الاستدلالُ على قولِهم بجميعِ الأدلةِ، بلْ يكفيهم الاستدلالُ بدليلٍ واحدٍ؛ إذ ليس فيه تضييعٌ للحقِّ، بخلافِ إحداثِ قولٍ ثالثٍ، ففيه نسبةُ الأُمّة إلى تضييعِ الحقِّ (١).

الدليل الثالث: أنَّ الصحابةَ - رضي الله عنهم - اختلفوا في بعضِ المسائلِ على قولين، وأحدثَ بعضُ التابعين فيها قولًا ثالثًا، ولم ينكرْ هذا أحدٌ، ومِنْ عادةِ السلفِ عدمُ السكوتِ عن المنكرِ، فدل سكوتُهم على جوازِه (٢).

ويشهد لهذا الأمر: اختلافُ الصحابةِ - رضي الله عنهم - في قسمةِ إرثِ مَنْ ماتَ عن زوجةٍ وأبوين، ومَنْ ماتتْ عن زوجٍ وأبوين، على قولين:

القول الأول: أن للأمِّ ثلثَ التركةِ، سواءٌ أكان الميتُ زوجًا، أو زوجةً. وهذا قولُ عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - (٣).

القول الثاني: أنَّ للأمِّ ثلثَ الباقي بعدَ فرضِ الزوجين. وهذا قول بعض الصحابة - رضي الله عنهم - (٤).


(١) انظر: المستصفى (١/ ٣٦٧)، وشرح مختصر الروضة (٣/ ٩١).
(٢) انظر: المعتمد (٢/ ٥٠٦)، والعدة (٤/ ١١١٤)، وشرح اللمع (٢/ ٧٣٩)، والتبصرة (ص/ ٣٨٨)، وقواطع الأدلة (٣/ ٢٦٥)، والتمهيد في أصول الفقه لأبي الخطاب (٣/ ٣١٣)، والواضح في أصول الفقه (٥/ ١٦٥)، والإحكام في أصول الأحكام للآمدي (١/ ٢٧١)، ومختصر منتهى السول لابن الحاجب (١/ ٤٨٨)، وتيسير التحرير (٣/ ٢٥٣).
(٣) أخرج قول ابن عباس - رضي الله عنهما -: عبد الرزاق في: المصنف، كتاب: الفرائض (١٠/ ٢٥٤)، برقم (١٩٠٢٠)؛ وابن أبي شيبة في: المصنف، كتاب: الفرائض، باب: في امرأة وأبوين، من كم هي؟ (١٦/ ٢١٩)، برقم (٣١٧٠٥)، وفي باب: في امرأة وأبوين، من كم هي؟ (١٦/ ٢٢٠)، برقم (٣١٧١٠)؛ والدارمي في: سننه، كتاب: الفرائض، بابٌ: في زوج وأبوين، وامرأةٍ وأبوين (٤/ ١٨٩٧)، برقم (٢٩١٨، ٢٩٢٠)؛ والفسوي في: المعرفة والتاريخ (٣/ ١٠٩)؛ وابن حزم في: المحلى (١٠/ ٣٢٦)؛ والبيهقي في: السنن الكبرى، كتاب: الفرائض، باب: فرض الأم (٦/ ٢٢٨).
وانظر: شرح السنة للبغوي (٨/ ٣٤٢).
وقد صحح ابنُ حجر في: موافقة الخُبْر الخَبَر (١/ ١٦٢) أثر ابن عباس - رضي الله عنهما -.
(٤) جاءت آثارٌ عن بعض الصحابة - رضي الله عنهم - تدل على أن للأم ثلث الباقي سواءٌ أكان الوارث زوجًا، =

<<  <  ج: ص:  >  >>