للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا لم ينكروا على التابعي قولَه (١).

الوجه الثالث: أنَّ ابنَ سيرين لم يخالفْ ما أجمعَ عليه الصحابةُ - رضي الله عنه -، بلْ أَخَذَ بكلِّ واحدٍ من القولين في إحدى المسألتين، فصار القولُ الثالثُ غيرَ رافعٍ لاتفاقِ الصحابةِ - رضي الله عنهم - (٢).

الوجه الرابع: مِن المحتملِ أنَّ بعضَ السلفِ أَنْكَرَ على المخالفِ، ولم ينقلْ إنكارُه، ومَن المحتملِ أنَّ إنكارَه نُقِلَ، لكنَه لم يشتهرْ؛ لأنَّه ممَّا لا تتوافر الدواعي على حكايةِ إنكارِه (٣).

الجواب عن الوجه الرابع: يقولُ أمير باد شاه عن الوجه الرابع: "وفيه تأمّل" (٤).

ولعل وجه التأمّلِ هو أنَّ إنكارَ بعضِ السلفِ للفعلِ، وعدم نقل إنكارِهم، أو عدم اشتهاره احتمالٌ لا يعضده ما يدل عليه، فيبقى الدليلُ سالمًا منه.

دليل أصحاب القول الثالث: أنَّه لا محذور في إحداثِ قولٍ ثالثٍ إنْ لم يرفعْ ما اتفق عليه القولانِ السابقانِ؛ لانتفاءِ خرقِ الإجماعِ، وأمَّا إنْ رَفَعَ القولُ الثالثُ ما اتفق عليه القولانِ السابقانِ، فإنَّنا نمنعُ منه؛ لمخالفتِه للإجماعِ الضمني (٥).


(١) انظر: العدة (٤/ ١١١٦)، وإحكام الفصول (ص/ ٤٩٩)، والمستصفى (١/ ٣٦٧)، والأحكام في أصول الأحكام للآمدي (١/ ٢٧١)، وتيسير التحرير (٣/ ٢٥٣).
(٢) انظر: شرح العمد (١/ ٢١٩)، وقواطع الأدلة (٣/ ٢٦٦)، ومختصر منتهى السول لابن الحاجب (١/ ٤٨٩).
(٣) انظر: تيسير التحرير (٣/ ٢٥٣).
(٤) انظر: المصدر السابق.
(٥) انظر: الإحكام في أصول الأحكام (١/ ٢٦٩)، ومختصر منتهى السول لابن الحاجب (١/ ٤٨٧)، وشرح مختصر ابن الحاجب للعضد (٢/ ٤٠)، والإجماع للدكتور يعقوب الباحسين (ص/ ١٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>