للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولمَّا اعترضَ بعضُ علماءِ الحنابلةِ على علماءِ الشافعيةِ فيما جاءَ عن الإمامِ الشافعي مِن حكايةِ القولينِ، أورد بعضُ الشافعيةِ على الحنابلةِ إيرادًا، وهو أنَّ الإمامَ أحمدَ صنَعَ مثلما صنَعَ الإمامُ الشافعي، فحكى قولينِ مختلفين في مسألةٍ واحدةٍ (١)، وأمر آخر، وهو: أنَّ تعددَ الرواياتِ عن الإمامِ أحمدَ كتعددِ القولينِ عن الإمامِ الشافعي (٢).

فهلْ يتوجه هذا الإيرادُ على الحنابلةِ؟

قبلَ ذكرِ أجوبةِ الحنابلة عمَّا نسبه الشافعيةُ إلى الإمامِ أحمدَ، سأورد مثالين لما جاءَ عن الإمامِ أحمدَ:

المثال الأول: جاءَ في: (مسائل الإمام أحمد برواية ابنه صالح) (٣) أنَّ صالحًا سألَ الإمامَ أحمدَ عن رجلٍ ماتتْ امرأتُه: "هل يجوزُ له أنْ ينظرَ إلى شيءٍ مِنْ محاسنِها، ويدخلها القبر؟ فأجابَ: الناسُ يختلفون في هذا، وقد رُوي عن عمر أنَّه قال في امرأتِه لما توفيتْ فقال لأوليائها: أنتم أحقُّ بها (٤)، وروي عن أبي بكرة أنَّه وَاثبَ إخوة امرأتِه حتى أدخلها القبرَ" (٥).

المثال الثاني: جاءَ في: (مسائل الإمام أحمد برواية أبي داود) (٦): "قلتُ لأحمدَ: البكرُ إذا استحيضت؟ قال: عندنا فيه قولان: قولٌ أنْ تقعدَ أدنى الحيضِ، ثمَّ تغتسل وتصوم وتصلي، أو تقعد أكثر حِيَض النساءِ ستًا أو سبعًا، فإذا عَرَفَتْ أيامَها، واستقامتْ عليه، قضتْ ما كانتْ صامتْ في هذه الأيامِ، دونَ أيامِ حيضِها".


(١) انظر: تهذيب الأجوبة (١/ ٤٥٣).
(٢) انظر: المصدر السابق.
(٣) (١/ ٢٧٢ - ٢٧١).
(٤) تقدم تخريج أثر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في: (ص/٢٧٨).
(٥) تقدم تخريج أثر أبي بكر - رضي الله عنه - في: (ص/٢٧٩).
(٦) (ص/ ٣٣). وقد نقل هذه المسألة: أبو يعلى في: العدة (٥/ ١٦٢١)، وأبو الخطاب في: التمهيد في أصول الفقه (٤/ ٣٦٦) وذكرا لها تتمةً في آخرها: "قلت لأحمد: فما تختار أنت؟ قال: من قال يومًا فهو احتياط". وراجع تعليق محقق العدة (٥/ ١٦٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>