للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدِ القولين إلى إمامِ المذهبِ، ورجوعِه عن الآخر غير معيّنٍ، ولا تصحُّ نسبتهما إليه جميعًا (١).

واستحسنَ بدرُ الدّينِ الزركشيُّ ما قاله الآمديُّ، وبيَّن أنَّ عملَ الفقهاءِ على خلافِه (٢).

وقد تَبِعَ الزركشيَّ في ذكرِ القولِ، ونسبتِه إلى الآمدي: ابنُ أمير الحاج (٣)، والمرداويُّ (٤).

وذَكَرَ بعضُ الأصوليين أنَّ المتمذهبَ يُرجّحُ بين أقوالِ إمامِه في هذه الحالةِ، ومِنْ هؤلاءِ: ابنُ بَرْهان، إذ ظاهرُ قولِه هو أنَّ علماءَ مذهبِ الإمام يجتهدون في اختيارِ الأشبهِ بمذهبِ إمامِهم، كما يجتهدُ المجتهدُ في أقوالِ النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا اختلفتْ، ويأخذُ بأقربِها إلى الشرعِ (٥).

واختارَ ابنُ الصلاحِ القولَ الذي ذَهَبَ إليه ابنُ بَرْهان، وفصَّل ابنُ الصلاح اختيارَه، فقالَ: "عليه - أيْ: المتمذهب - البحثُ عن الأرجحِ والأصحَّ منهما، متعرِّفًا ذلك مِنْ أصولِ مذهبِه، غير متجاوزٍ في الترجيحِ قواعدَ مذهبِه إلى غيرِها، هذا إنْ كانَ ذا اجتهادٍ في مذهبِه، أهلًا للتخريجِ عليه.

فإنْ لم يكنْ أهلًا لذلك، فلينقله عن بعضِ أهلِ التخريجِ مِنْ أئمةِ المذهبِ، وإنْ لم يجد شيئًا مِنْ ذلك، فليتوقفْ" (٦).


(١) انظر: البحر المحيط (٦/ ١٢١)، وتشنيف المسامع (٣/ ٤٨١). ولا يبعد عندي حصول الوهم فيما نسبه بدر الدين الزركشي إلى الآمدي؛ لخلو كتابي الآمدي: (الإحكام في أصول الأحكام)، و (منتهى السول) عن هذا القول في الموطن الذي ذُكِرت فيه المسألة، ويؤكد حصول الوهم أنَّ ما نسبه الزركشي إلى الآمدي هو قوله في الحالة الثانية - كما سيأتي - إلا أن يكون قاله في موضع آخر من كتابيه، أو في كتاب آخر.
(٢) انظر: البحر المحيط (٦/ ١٢١)، وتشنيف المسامع (٣/ ٤٨١).
(٣) انظر: التقرير والتحبير (٣/ ٣٣٤).
(٤) انظر: التحبير (٨/ ٣٩٥٦).
(٥) انظر: الوصول إلى الأصول (٢/ ٣٥٦ - ٣٥٧).
(٦) أدب المفتي والمستفتي (ص/ ١٢٣ - ١٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>