للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يظهر لي فرقٌ مؤثرٌ بين القولينِ: الثاني والثالث، فهما متقاربان.

• أدلةُ الأقوال:

أدلةُ أصحابِ القولِ الأول: استدلَّ أصحابُ القولِ الأولِ بأدلةٍ، منها:

الدليل الأول: أنَّ مِنْ أصولِ الإمامِ أحمدَ بن حنبل فيما إذا اختلفَ الصحابةُ - رضي الله عنهم - على أقوال، الأخذَ بالقولِ الأقربِ أو الأشبهِ بالكتابِ أو بالسنةِ (١). يقولُ الإمامُ أحمدُ: "إذا اختلفَ أصحابُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - نُظِرَ، أيُّ القولين أشبه بالكتابِ والسنةِ؟ فأُخِذَ به، وتُرِكَ الآخر" (٢).

فإذا ساقَ اختلافَ الصحابةِ - رضي الله عنهم -، ولم يرجِّحْ، فإنَّنا نُعْمِلُ أصلَه في هذه الحالةِ، ونعتبره في سائر أجوبتِه، ونأخذُ بما كان أقرب إلى الكتابِ أو السنةِ (٣).

الدليل الثاني: لو كانَ الإمامُ أحمدُ متوقفًا، لقالَ ما يدلُّ على التوقّفِ، كـ: لا أدري، أو لا شيءَ عندي، ونحوهما، فلمَّا لم يجبْ بهما دلَّ على عدمِ توقّفِه في المسألةِ (٤).

ويمكن أن يُستدل لهم بدليلٍ ثالث: قياسُ ما إذا أجابَ الإمامُ بأقوالِ الصحابةِ - رضي الله عنهم - على مسألةِ: (ما إذا قالَ الإمامُ قولين مختلفين في وقتين، ولم يُعْلَم التاريخُ)، فكما أنَّنا في المسألةِ الثانيةِ نُرَجِّحُ القولَ الذي وافق الكتابَ أو السنة، فكذلكَ في مسألتِنا.


(١) انظر: تهذيب الأجوبة (١/ ٤٤٣)، والعدة (٤/ ١١٠٥)، وصفة الفتوى (ص/ ٩٨)، وإعلام الموقعين (٢/ ٥٥).
(٢) نقل قول الإمام أحمد الحسنُ بن حامد في: تهذيب الأجوبة (١/ ٤٤٥)، والقاضي أبو يعلى في: العدة (٤/ ١١٠٥).
(٣) انظر: تهذيب الأجوبة (١/ ٤٤٥ - ٤٤٦).
(٤) انظر: المصدر السابق (١/ ٤٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>