للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدلةُ أصحابِ القولِ الثاني: استدلَّ أصحابُ القول الثاني بأدلةٍ، منها:

الدليل الأول: أنَّ الإمامَ أحمدَ هو الأعلمُ بأشبه القولين بالكتابِ أو بالسنةِ، فلمَّا لم يذكرْه، ولم يرجّحْ أحدَهما، ولم يَمِلْ إليه، مع معرفتِه بالقولين، دلَّ على أنَّهما عنده سواء، فلا يكونُ أحدُهما مذهبًا له (١).

الدليل الثاني: أنَّ نسبةَ أحدِ القولين إلى الإمامِ أحمدَ هو اجتهادٌ ممَّنْ بعده، وهذا فعلٌ لهم، ليس بفعلٍ للإمامِ، فكيفَ ننسبُ إليه أنَّه اختارَ قولًا بفعلِنا ورأينا؟ ! (٢).

مناقشة الدليل الثاني، نوقش الدليل من وجهين:

الوجه الأول: أنَّ ما ذكرتموه مِنْ أنَّ تعيينَ القولِ هو فعلُ مَنْ جاءَ بعده لا يَضُر؛ إذ الشريعةُ كلُّها تنسبُ إلى الله تعالى، والمعوَّلُ عليه فعلُ المجتهدِ مِن الاستدلالِ والنظرِ والقياسِ، ولم تقولوا: إنَّ ذلك ليس بجائزٍ؛ لأنَّه فعلٌ، فكذلك هنا (٣).

الوجه الثاني: إذا جازتْ نسبةُ القولِ إلى الإمامِ بناءً على القياسِ - كما مرَّ - وهو فعلٌ لنا، فإنَّ تعيينَ أحدِ القولين بفعلِنا لا يضر (٤).

الدليل الثالث: أنَّ اجتهادَنا في معرفةِ أقرب القولين إلى الكتابِ أو السنةِ لا يُطَابِقُ ما عند الإمام أحمدَ، ولا يقاربه، فكيفَ ننسبُ إليه قولًا قوَّاه مَنْ جاءَ بعده؛ بنَظَرِه؟ ! (٥).

مناقشة الدليل الثالث: إنَّ ما ذكرتموه مِنْ أنَّ اجتهادَنا لا يطابق اجتهادَ الإمام أحمد لا يضر؛ لأنَّنا اتبعنا طريقَه وأصلَه في المسألةِ (٦).


(١) انظر: صفة الفتوى (ص/ ٩٨).
(٢) انظر: تهذيب الأجوبة (١/ ٤٤٥).
(٣) انظر: المصدر السابق (١/ ٤٥٠ - ٤٥١).
(٤) انظر: المصدر السابق (١/ ٤٥١).
(٥) انظر: المصدر السابق (١/ ٤٤٥).
(٦) انظر: المصدر السابق (١/ ٤٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>