للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقولُ أبو علي الشوشاوي: "يلزمُ على قولِ القاضي (١) المتقدِّم - وهو: الاعتدادُ بقولِ العامي في الإجماع - أنْ يعتبرَ أهل كلِّ فنٍّ في غيرِ فنِّه؛ لأنَّ غايتَهم أنْ يكونوا كالعوامِّ بالنسبةِ إلى غيرِ فنِّهم" (٢).

وحديثي في هذا المبحثِ عند غيرِ القائلين بالاعتدادِ بالعوام في انعقادِ الإجماعِ.

ثالثًا: ذَكَرَ بعضُ الأصوليين قولًا مفاده: أنَّ أهلَ الإجماعِ هم الأئمةُ المستقلون بالاجتهادِ - كالأئمةِ الأربعةِ ونحوهم - فحسب، أمَّا مَنْ لم يبلغْ هذه الدرجةَ فليس مِنْ أهلِه (٣).

وعلى هذا القولُ لا يدخلُ المتمذهبون في أهلِ الإجماعِ.

وحديثي عند غيرِ أربابِ هذا القولِ.

رابعًا: إذا كان المتمذهبُ بالغًا درجةَ الاجتهادِ، ومنتسبًا إلى مذهبِ إمامِه (متمذهبًا بالاسم فقط)، فيُعْتَدُّ بقولِه في انعقادِ الإجماع؛ لأنَّه مجتهدٌ مطلقٌ، وانتسابُه إلى المذهبِ لا يؤثر على آرائِه الاجتهاديةِ.

يقولُ ابنُ الصلاحِ عن المتمذهب البالغِ درجة الاجتهادِ المطلقِ في الشريعةِ: "فتوى المنتسبين في هذه الحالةِ في حُكْمِ فتوى المجتهدِ المستقلِّ المطلقِ، يُعْمَلُ بها، ويُعْتَدُّ بها في الإجماعِ، والخلافِ" (٤).

وبعَد هذا، فقد سَبَقَ وأنْ ذكرتُ أنَّ التمذهبَ يكون في أصولِ الفقه، وفي الفقه، وسأتحدث هنا عن الاعتدادِ بقولِ المتمذهب في الإجماعِ على المسائل الأصوليةِ، وعن الاعتدادِ بقولِه في الإجماعِ على المسائلِ الفقهيةِ، وسأجعلُ الحديثَ في القسمين الآتيين:


(١) هو: القاضي أبو بكر الباقلاني.
(٢) رفع النقاب (٤/ ٦٦٦ - ٦٦٧).
(٣) انظر: المستصفى (١/ ٣٤٢)، والإحكام في أصول الأحكام للآمدي (١/ ٢٢٨)، ولباب المحصول لابن رشيق (١/ ٣٨٩)، ونفائس الأصول (٦/ ٢٨٦٨).
(٤) أدب المفتي والمستفتي (ص/ ٩٤). وانظر: صفة الفتوى (ص/ ١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>