للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومِن سماتِ التعريفِ الرابع نصُّه على أنَّ تبيينَ الحكمِ الشرعي لا يُسمى إفتاءً إلا إذا كان جوابًا عن سؤالٍ سائلٍ، فلو بيَّنَ العالمُ الحكمَ ابتداءً دون سؤالِ سائلٍ، فإنَّ بيانَه حينئذٍ لا يُسمَّى إفتاءً.

يقولُ الدكتورُ محمد أبو الأجفان: "يلاحظُ أنَّ الإفتاءَ يكونُ لسائلٍ راغبٍ في معرفةِ الحكمِ الشرعي لما نَزَلَ في واقعةٍ" (١).

وأرى أنَّ إضافةَ هذا القيدِ أمرٌ مهمٌ يكشفُ عن حقيقةِ الفتوى، ولا يبعدُ عندي أنَّ مَنْ أَغْفَلَ ذكرَه ممَّنْ تقدمَ ذكر تعريفاتهم لا يُسمي بيانَ الحكمِ ابتداءً إفتاءً.

يقولُ الشيخُ محمد أبو زهرة: "الإفتاءُ أخصُّ مِن الاجتهادِ؛ فإنَّ الاجتهادَ استنباطُ الأحكامِ، سواء أكان سؤالٌ في موضوعها، أم لم يكنْ - كما يفعلُ أبو حنيفة في درسِه عندما يُفرِّع التفريعاتِ المختلفةِ، ويفرض الفروضَ الكثيرة؛ ليختبرَ الأقيسةَ التي يستنبطُ عللَها، ويتعرف صلاحيةَ هذه العلل؛ لتكوين الأقيسة - أمَّا الإفتاءُ، فإنَّه لا يكون إلا إذا كانتْ واقعةٌ وقعتْ، ويتعرَّف الفقيهُ حكمَها" (٢).

التعريف الخامس: ما يُخبرُ به المفتي جوابًا لسؤالٍ، أو بيانًا لحكمٍ مِن الأحكامِ، وإنْ لم يكنْ سؤالًا خاصًّا.

وهذا تعريف الدكتور عبد الله التركي (٣).

وقد اعتبرَ بيانَ الأحكامِ ابتداءً مِنْ غيرِ سؤالِ سائلٍ مِنْ قبيلِ الإفتاءِ والفتوى.


(١) مقدمة تحقيق فتاوى الشاطبي (ص/٦٨ - ٦٩).
(٢) أصول الفقه (ص/ ٤٠١). وقارن بأصول الفتوى والقضاء للدكتور محمد رياض (ص/ ١٨٩ - ١٩٠).
(٣) انظر: أصول مذهب الإمام أحمد (ص/ ٧٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>