للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر الخامس: لا بُدَّ مِنْ صلاحيةِ المتمذهبِ للإفتاءِ ابتداءً، بأنْ يعرفَ أحوالِ الناسِ، ولغاتهم وألفاظهم (١)، أمَّا إنْ كان غيرَ عالمٍ بهذه الأمور ونحوِها ممَّا يتوقفُ عليه فهمُ سؤالِ السائلِ، لتطبيقِ الحكمِ عليه على الوجهِ الصحيحِ، فليس له الإفتاءُ.

يقولُ تقيُّ الدينِ السبكي: "نجدُ كثيرًا مِن الفقهاءِ لا يعرفون أن يفتوا، وإنَّ خاصيةَ المفتي تنزيلُ الفقهِ الكلي على الموضعِ الجزئي، وذلك يحتاجُ إلى تبصّرٍ زائدٍ على حفظِ الفقهِ وأدلتِه ... " (٢).

وهذا يجرُّ إلى ضرورةِ معرفةِ الأحكامِ التي تُبْنَى على العُرْف؛ فإنَّها تتغيَّر تبعًا لتغيّرِه، وقد سبقت الإشارةُ إلى هذا الأمرِ (٣).

الأمر السادس: إنْ كان المتمذهبُ فاسقًا فلا تصحّ الفتيا منه؛ لفسقِه (٤)، وإذا لم يجز قبول فتوى المجتهدِ الفاسقِ، فالمتمذهبُ الفاسقُ مِن بابٍ أولى.

الأمر السابع: حديثي هنا عن إفتاءِ المتمذهب بمذهبه، وليس عن حكم سؤال العامي للمتمذهبِ (٥).

الأمر الثامن: أريدُ بالمذهبِ في قولي: (إفتاء المتمذهب بمذهبه): القول الذي تصحُّ نسبتُه إلى المذهبِ مِن الأقوالِ الراجحةِ فيه أو المعتمدةِ، أو التي نصَّ أربابُ المذهبِ على جوازِ الفتوى بها (٦).


(١) انظر: عمدة التحقيق للباني (ص/٦٨ - ٦٩).
(٢) فتاوى تقي الدين السبكي (٢/ ١٢٣). وانظر: شرح عماد الرضا ببيان أدب القضا للمناوي (١/ ٥٩)، والفتوى في الشريعة الإسلامية لعبد الله آل خنين (٢/ ١٠ - ١١).
(٣) انظر: (ص/ ٤٣٣)، والفروق للقرافي (٣/ ٣٧ - ٣٨).
(٤) انظر: أدب المفتي والمستفتي (ص/ ١٠٧)، والمجموع شرح المهذب للنووي (١/ ٤١)، وصفة الفتوى (ص/ ١٣، ٢٩)، والسراج الوهاج للجاربردي (٢/ ١٠٨٥)، والبحر المحيط (٦/ ٣٠٩)، وكشاف القناع للبهوتي (١٥/ ٤١).
(٥) انظر: إعلام الموقعين (٦/ ١٠٢).
(٦) انظر: روضة الطالبين للنووي (١١/ ١١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>