للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر التاسع: على المتمذهب الانتباهُ إلى تحقيقِ مذهبِه (١)، ومعرفةِ القولِ الراجحِ فيه، وإن احتاجَ الأَمرُ إلى مزيدِ نَظَرٍ وبحثٍ، فَعَلَ، ولا يكتفي في ذلك - إنْ لم يكن أهلًا للترجيحِ - بمجردِ مطالعةِ كتابٍ أو كتابين في مذهبِه، يقولُ محيي الدين النووي: "لا يجوزُ لمفتٍ على مذهبِ الشافعي إذا اعتمدَ النقلَ أنْ يكتفي بمصنَّفٍ ومصنَّفين ونحوِهما مِنْ كتبِ المتقدمين وأكثرِ المتأخرين؛ لكثرةِ الاختلافِ بينهم في الجزمِ والترجيحِ؛ لأنَّ هذا المفتي المذكور إنَّما ينقلُ مذهبَ الشافعي، ولا يحصلُ له وثوقٌ بأنَّ ما في المصنَّفينِ المذكورينِ ونحوِهما هو مذهب الشافعي أو الراجح منه؛ لما فيها مِن الاختلافِ ... بلْ قد يجزم نحوُ عشرةٍ مِن المصنفين بشيءٍ، وهو شاذٌّ بالنسبةِ إلى الراجح في المذهبِ، ومخالفٌ لما عليه الجمهورُ، ورُبَّما خالفَ نصَّ الشافعي أَو نصوصًا له! " (٢).

وبعدَ هذا أقولُ: إذا سألَ العاميُّ متمذهبًا عن حكم مسألةٍ ما؟ وأراد المتمذهبُ إفتاءَه بمذهبِ إمامِه - إمَّا بما علمه مِنْ أقوالِه، أو بما نُسِبَ إليه بطريقٍ صحيحٍ (٣)، أو كان ما سُئِلَ عنه مندرجًا تحتَ ضابطٍ أو قاعدةٍ مِنْ قواعدِه (٤)، أو بالقولِ المفتى به في مذهبِه (٥) - فهل له الإفتاءُ في هذه الحالةِ؟

• تحرير محل النزاع:

نفَى ابنُ الهمامِ الحنفي الخلافَ عن حالةِ ما إذا كانَ المتمذهبُ ناقلًا لقولِ إمامِه بنصِّه، فيجوزُ إفتاؤه به، إذا استكملَ المتمذهبُ شروطَ الروايةِ


(١) انظر: الإحكام في أصول الأحكام للآمدي (٤/ ٢٣٦)، وتقريب الوصول لابن جزي (ص/ ٤٥٥)، ونهاية السول (٤/ ٥٨٠)، والفتاوى الكبرى الفقهية لابن حجر الهيتمي (٤/ ٢٩٦).
(٢) المجموع شرح المهذب (١/ ٤٧). وانظر: صفة الفتوى (ص/ ٣٦)، وإعلام الموقعين (٦/ ١٠٠ - ١٠١).
(٣) انظر: الغياثي للجويني (ص/ ٤٢١، ٤٢٥).
(٤) انظر: المصدر السابق (ص/ ٤٢٣).
(٥) انظر: محاضرات في تاريخ المذهب المالكي للدكتور عمر الجيدي (ص/ ١٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>