للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقيموا الدليلَ عليها، فلا نُسلمها لكم (١).

الوجه الثاني: ما ذكرتم مِنْ حقيقةِ الإِجماعِ، وأنَّه اتفاقُ المجتهدين، أمرٌ مسلَّمٌ، ونحنُ لم ندَّعِ اتفاقَ المقلِّدين، وإِنَّما نُثْبِتُ اتفاقَ السابقين مِن المجتهدين على حكمِ أهلِ الزمانِ بجوازِ إِفتاءِ مجتهدي المذاهبِ بمذاهبِهم (٢).

يقولُ الشيخُ محمدٌ بخيت المطيعي: "إِنَّ أصحابَ أبي حنيفةَ كانوا يفتونَ في زمانِ الإِمامِ الشَّافعي والإِمامِ أحمدَ، وغيرِهما مِن المجتهدين، وأنَّهم جميعًا أقروا ذلك بلا نكيرٍ مِنْ أحدٍ، فكانَ هذا إِجماعًا" (٣).

ويمكنُ أن يُستدلَ لأصحابِ القولِ الثالثِ بالدليلِ الثاني لأصحابِ القولِ الثاني.

• الموازنة والترجيح:

بالنظرِ في المسألةِ بأقوالِها وأدلتها يظهر لي الآتي:

الأول: أنَّ لمجتهدِ المذهب الإِفتاءَ بمذهبِه (٤)؛ وذلك لجريانِ العملِ بالاعتدادِ بالأقوالِ الَّتي يتوصَّلُ إِليَها، كما في دليلِ أصحابِ القولِ الثالثِ.

وقد مالَ تاجُ الدين السبكي إِلى أنَّ لمجتهدِ المذهبِ الإِفتاءَ؛ لظنِّه قيام الإِجماعِ على جوازِ إِفتائِه (٥).

ويقولُ بدرُ الدين الزركشي عن أربابِ طبقةِ مجتهدي المذهبِ: "يجوزُ الإِفتاءُ قطعًا" (٦).


(١) انظر: سلم الوصول لمحمد المطيعي (٤/ ٥٨٢).
(٢) انظر: البحر المحيط (٦/ ٢٩٩)، والآيات البينات للعبادي (٤/ ٣٦٩).
(٣) سلم الوصول (٤/ ٥٨٥). وانظر منه: (٤/ ٥٨٢)، ومسلم الثبوت (٢/ ٤٠٤).
(٤) انظر: الفروق للقرافي (٢/ ٢٠٦).
(٥) انظر: رفع الحاجب (٤/ ٦٠٢)، والتقرير والتحبير (٣/ ٣٤٨).
(٦) تشنيف المسامع (٤/ ٦١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>