للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النظرَ في كتابِ الله وسنةِ رسولِه، وأعرضوا عن تعلمِهما إعراضًا كليًا ... " (١).

وأمسى اسمُ الفقيه عند بعضِ الناسِ في عصورٍ خلتْ صادقًا على الذي يحفظُ أقوالَ الفقهاءِ: قويَّها وضعيفَها، ويسردها، من غيرِ تمييزٍ لقوتِها (٢).

وقد بيّن الشيخُ حمد بن معمر أنَّ كثيرًا مِنْ أتباعِ المذاهبِ الأربعةِ يهجرون كتبَ السنةِ المطهرةِ، ولا يرجعون إليها، ولا يعملون بما تدلُّ عليه، بلْ هي عندهم للتبركِ! (٣).

ويقولُ الشيخُ محمد مخلوف: "انعكسَ الحالُ في عهدِ المتأخرين، فقلَّ ذكرُ النصوصِ مع الفتوى، كما انعكس في تدوينِ كتبِ الفروعِ، فإنَّ في كتبِ المتقدمين مِن البسطِ والبيانِ وأدلةِ الأحكامِ ما ليس في كتب المتأخرين التي وَصَلَ بها الاختصارُ والتجرّدُ عن الأدلةِ إلى ما ترى! " (٤).

ولقد استغرب الشيخُ محمدٌ الحجوي (ت: ١٣٧٦ هـ) من الحالِ العلميةِ في عصرِه، فالفقهاءُ أعرضوا عن ذكرِ الأدلةِ على مذهبِهم، والأدلةُ يتأكد ذكرُها في هذا البابِ، والنحاةُ اهتموا بذكرِ أدلةٍ على قواعد النّحوِ، فافتعلوا له أدلةً، ولا ضرورةَ إلى إقامةِ أدلةٍ على قواعدِه (٥).

وممَّا زادَ مِنْ بُعْدِ كثيرٍ مِن المتمذهبين في بعضِ العصورِ عن النظرِ في الكتابِ والسنةِ، اهتمامُهم وتركيزُهم واقتصارُهم على كتبِ المذهبِ الموجزةِ


(١) أضواء البيان (٧/ ٥٧٢). وانظر: العَلَم الشامخ لصالح المقبلي (ص / ٤٢١)، وبين متبع ومقلد أعمى للدكتور عامر الزيباري (ص/ ٥٢).
(٢) انظر: حجة الله البالغة للدهلوي (١/ ٤٧٢).
(٣) انظر: رسالة في الاجتهاد والتقليد (ص/ ٩٥). وراجع: عجائب الآثار للجبرتي (٢/ ٥٣)، والسلفية لعمرو سليم (ص/ ١٠١)، وبدعة التعصب المذهبي لمحمد عباسي (ص/ ١٦٥، ١٦٤).
(٤) بلوغ السول (ص/ ٩٩). وانظر: الفكر السامي لمحمد الحجوي (٣/ ١٤٦ - ١٤٧).
(٥) انظر: المصدر السابق (٤/ ٤٠٢)، والفقه الإسلامي للدكتور سليمان العطوي (١/ ١٢٠ - ١٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>