للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسألتِهم تلك، ثم رُبَّما أتى بعدها - بصفحةٍ أو ورقةٍ أو أوراقٍ - احتجاجُ خصمِهم عليهم بروايةِ عمرو بنِ شعيب عن أبيه عن جدّه، أو بروايةِ ابنِ لهيعة، فيقولون: هذه صحيفة (١)، وابنُ لهيعة ضعيفٌ! " (٢).

وليس مِنْ شكٍّ في أنَّ ما صنعه بعضُ المتمذهبين فعلٌ غيرُ مقبولٍ، وتناقضٌ واضحٌ (٣)، صادرٌ ممَّنْ لا يَقْدِرُ نصوصَ الشارعِ حقَّ قدرِها.

يقولُ أبو شامةَ المقدسي: "مِنْ قبيحِ ما يأتي به بعضُهم: تضعيفهم لخبرٍ يحتجُّ به بعضُ مخالفيهم، ثمَّ يحتاجون هُمْ إلى الاحتجاجِ بذلك الخبرِ بعينِه في مسألةٍ أخرى، فيُوردونه مُعْرِضين عمَّا ضعفوه! " (٤).

وقريبٌّ ممَّا سَبَقَ: مَنْ يضعّف بعضَ رجالِ الإسنادِ في موضع ما إذا كان حديثُهم يخالف مذهبَه، ويحتجّ بهم في موضعٍ آخر إذا كان حديثُهم يوافقُ مذهبَه (٥).


= بإذن النبي - صلى الله عليه وسلم -، كان مجتهدًا في العبادة، توفي - رضي الله عنه - بالحرة، وقيل: بالطائف، وقيل: بمكة سنة ٦٣ هـ وقيل: سنة ٦٥ هـ وقيل: سنة ٧٧ هـ. انظر ترجمته في: الطبقات الكبرى لابن سعد (٢/ ٣٧٣)، والتاريخ الكبير للبخاري (٥/ ٥)، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم (٥/ ١١٦)، والاستيعاب لابن عبد البر (ص/ ٤٢١)، والحلة السيراء لابن الأبار (١/ ١٧)، وسير أعلام النبلاء (٣/ ٧٩)، والإصابة لابن حجر (٤/ ١٩٢)، وتهذيب التهذيب له (٢/ ٣٩٢).
وإن كان المقصود بالجد هو جد عمرو بن شعيب، فهو: محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، روى عن أبيه، ورى عنه ابنه شعيب، يقول عنه شمس الدين الذهبي: "غير معروف الحال، ولا ذُكر بتوثيق ولا بلين"، ويقول أيضًا: "الظاهر موته في حياة أبيه". انظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء (٥/ ١٨١)، وتهذيب التهذيب لابن حجر (٣/ ٦١١)، وتقريب التهذيب له (ص/٥٧٠).
(١) يحتمل أن تكون لفظة: "صحيفة" محرفةً، عن: "ضعيفة"، إلا إذا أريد أنَّ روايةَ عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وجاد، ولا تصح الرواية بها، لكن من أعلها من أهل العلم أعلها بالإرسال؛ لأنَّ محمد بن عمرو بن العاص لم يلق النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وللتوسع في رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، انظر: تهذيب الكمال للمزي (١٢/ ٥٣٦)، وتعليق الشيخ أحمد شاكر على جامع الترمذي (٢/ ١٤١ - ١٤٤).
(٢) الإحكام في أصول الأحكام (٤/ ٢٢٠).
(٣) انظر: إعلام الموقعين (٣/ ٥٢٢).
(٤) خطبة الكتاب المؤمل للرد إلى الأمر الأول (ص/ ١٢٠).
(٥) انظر: تنقيح التحقيق لابن عبد الهادي (١/ ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>