للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وللشيخِ عبدِ الرحمن المعلمي كلمةٌ جميلةٌ في التحذيرِ مِن الغلوِّ في أئمةِ المذاهبِ، يقول: "مِن أوسعِ أوديةِ الباطلِ الغلوُّ في الأفاضلِ" (١).

وبدلّ على هذا السبب: ما نقله القاضي عياضٌ عن بعضِ المشايخِ أنَّهم قالوا: "إنَّ الإمامَ لمَن التزمَ تقليدَ مذهبِه كالنبي - صلى الله عليه وسلم - مع أمتِه، لا يحلُّ لَه مخالفتُه" (٢).

وقد أيَّدَ القاضي عياضٌ هذه الجملةَ قائلًا: "وهذا صحيحٌ في الاعتبارِ، وبما بسطناه وشرطناه، يظهرُ صوابُه لأولي البصائرِ والأبصارِ" (٣).

وقد علَّق شمسُ الذينِ الذهبي على ما نقله القاضي عياض، قائلًا: "قوله: "لا تحلُّ مخالفته"، مجرّدُ دعوى، واجتهادٌ بلا معرفةٍ" (٤).

ويقولُ ابنُ أبي العز الحنفي عن حالِ بعضِ الحنفيةِ مع الإمامِ أبي حنيفةَ: "غَلَتْ في تقليدِه، فلم تتركْ له قولًا، وأنزلوه منزلةَ الرسولِ - صلى الله عليه وسلم - ... " (٥).

ويقولُ عن بعضِ مقلِّدةِ المذاهبِ: "يأخذُ أحدُهم بما يجدُ في كتبِ أصحاب ذلك الإمامِ الذي قلَّده، ولا يلَتفتُ إلى قولٍ خالفه، كائنًا مَنْ كان، ونصَّ ذَلك الإمام والكتبُ عنده بمنزلةِ نصِّ الشارعِ! " (٦).

وقد أوضحَ الشيخُ صالحٌ المقبلي (ت: ١١٠٨ هـ) أنَّ حالَ متمذهبي قُطْره مِن الزيديةِ يكادون يُلحقون إمامَ المذهبِ بالنبي - صلى الله عليه وسلم - (٧).

وقد جعلَ بعضُ المتمذهبين نصوصَ إمامِهم كنصوصِ الكتابِ والسنةِ (٨).


(١) التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل (١/ ٦).
(٢) ترتيب المدارك (١/ ٦٢ - ٦٣). وانظر: تأريخ التشريع للدكتور عبد الله الطريقي (ص / ٣٠٦).
(٣) ترتيب المدارك (١/ ٦٣).
(٤) سير أعلام النبلاء (٨/ ٩٠).
(٥) الاتباع (ص/ ٣٠).
(٦) المصدر السابق (ص/ ٣١).
(٧) انظر: العَلَم الشامخ (ص/ ٣٨٩).
(٨) انظر: المصقول في علم الأصول لمحمد زاده (ص/ ١٥٩). =

<<  <  ج: ص:  >  >>