للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستمعْ إلى ما يقوله الشيخُ ظفر أحمد التهانوي الحنفي عن الإمام أبي حنيفةَ: "فوالله لم يُولدْ في الإسلامِ بعدَ النبي - صلى الله عليه وسلم - أيمنُ وأسعدُ مِن النعمان أبي حنيفة" (١).

وهذا غلوُّ كبيرٌ، وتنزيلٌ للإمامِ فوقَ الدرجةِ التي يستحقها، وحطٌّ مِنْ قدرِ صحابةِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -.

ويقولُ الفخرُ الرازي: "القولُ بأنَّ قولَ الشافعي خطأٌ في مسألةِ كذا، إهانةٌ للشافعي القرشي، وإهانةُ قريشٍ غيرُ جائزةٍ، فوجَبَ أنْ لا يجوزَ القولُ بتخطئتِه في شيءٍ من المسائلِ ... ! " (٢).

وقد تقدمتْ حكايةُ أبي شامةَ المقدسي لحال بعض علماءِ الشافعيةِ مع كتبِ أبي إسحاقَ الشيرازي وأبي حامد الغزالي؛ إذ يرون أن نصوصَهما كنصوصِ الكتابِ والسنةِ، لا يُخْرَجُ عنها (٣).

ويقولُ تقيُّ الدين بنُ تيمية عن أتباعِ الأئمةِ الأربعةِ: "تجدُ أحدَهم دائمًا يَجِدُ في كلامِهم - أي: أئمة الفقهاء - ما يراه هو باطلًا، ويتوقّفُ في ردِّ ذلك؛ لاعتقادِه أنَّ إمامَه أكملُ منهم عقلًا وعلمًا ودينًا، هذا مع علمِ كلٍّ مِنْ هؤلاءِ أنَّ متبوعَه ليس بمعصومٍ، وأنَّ الخطأَ عليه جائزٌ (٤).

ويبيِّنُ أبو إسحاقَ الشاطبي سببَ تعصبِ بعضِ المالكيةِ على الإمامِ بقي بنِ مخلد، فيقول: "هو تحكيمُ الرجالِ على الحقِّ، والغلوُّ في محبةِ المذهبِ" (٥).


(١) نقل الأستاذ عبد الفتاح أبو غدة العبارة السابقة في تعليقه على كتاب: الرفع والتكميل للكنوي (ص/ ٣٩٤). وانظر: العَلَم الشامخ للمقبلي (ص / ٤٠٢).
(٢) إرشاد الطالبين إلى المنهج القويم (ص/ ٣٩٢).
(٣) انظر: خطبة الكتاب المؤمل في الرد إلى الأمر الأول لأبي شامة (ص/ ١٤٠).
(٤) درء تعارض العقل والنقل (١/ ١٥٥). وانظر: جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر (٢/ ١١٣٧).
(٥) الاعتصام (٣/ ٣٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>