للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد عدَّ الشيخُ مصطفى الزرقا التقاءَ العلماءِ في هذه المحافلِ الفقهيةِ لدراسةِ النوازلِ بعثًا للاجتهادِ مِنْ مرقدِه في صورةٍ جماعيةٍ (١).

الطريق الرابع: تربيةُ المتمذهبِ على احترامِ المذاهبِ وأهلِها (٢).

إنَّ التنشئةَ على حبِّ العلمِ، وحبِّ أهلِه، واحترامِهم مِنْ الأهميةِ بمكان.

وممَّا يساعدُ في هذا الجانب: الاهتمامُ بالكتبِ التي ألّفها علماؤنا في الآدابِ الشرعيةِ عمومًا، وآدابِ طالبِ العلمِ على وجهِ الخصوصِ.

وإذا كان المتمذهبُ عارفًا للأئمةِ قدرَهم، محبًّا للإنصافِ، متحليًّا بالآداب، فإنَّه سيتجنبُ الوقوعَ في التعصبِ وذيولِه (٣).

يقولُ أبو الوفاءِ بنُ عقيل: "كانتْ أيدي الحنابلة مبسوطةً في أيامِ ابنِ يوسفَ (٤)، فكانوا يستطيلون بالبغي على أصحاب الشافعي في الفروعِ، حتى لا يُمَكّنوهم مِن الجهرِ والقنوتِ، وهي مسألةٌ اجتهاديةٌ ... فلمَّا ماتَ ابنُ يوسفَ، وزالتْ شوكةُ الحنابلةِ، استطالَ عليهم أصحابُ الشافعي استطالةَ السلاطين الظلمة ... فتدبرتُ أمرَ الفريقين، فإذا بهم لم تعمل فيهم آدابُ العلمِ، وهل هذه إلا أفعالُ الأجنادِ؟ ! ... " (٥).


(١) انظر: المدخل الفقهي العام (١/ ٢٥١).
(٢) انظر: منهج ابن تيمية في الفقه للدكتور سعود العطيشان (ص/ ١٥٥).
(٣) انظر: المذاهب الفقهية الإسلامية لمحمد تاجا (ص/ ٢٤٦).
(٤) هو: عبد الملك بن محمد بن يوسف البغدادي، أبو منصور، ولد سنة ٣٩٥ هـ يعرف بالشيخ الأجل، كان أوحد وقته في فعل الخيرات، ودوام الصدقة، والإفضال على العلماء، والقيام بأمورهم، والتحمل لمؤنهم، والنصر لأهل السنة، والقمع لأهل البدعة، ذا جاه عريض، واتصال بالخليفة توفي سنة ٤٦٠ هـ. انظر ترجمته في: تاريخ مدينة السلام للخطيب (١٢/ ١٩٢)، وسير أعلام النبلاء (١٨/ ٣٣٣)، وتاريخ الإسلام للذهبي (١٠/ ١٢٠)، والبداية والنهاية (١٦/ ١٥).
(٥) نقل كلامَ ابن عقيل: ابنُ مفلح في: الفروع (٣/ ٢٢)، والبهوتيُّ في: كشاف القناع (٣/ ٢٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>