للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد دعا الإمامُ الشوكانيُّ طلابَ العلمِ إلى أنْ يوطنوا أنفسَهم على الإنصافِ، وعدمِ التعصب لمذهب من المذاهب، ولا لعالم من العلماءِ، فمَنْ صَنَعَ ذلك فقد فاز بأعَظمِ فوائَدِ العلمِ (١).

وقد ذَكَرَ الشيخُ محمد الطاهر بنُ عاشور أنَّ مِنْ أسباب تأخرِ التعليم: "عُرُوُّ التعليم عن مادة الآداب وتهذيب الأخلاقِ، وشرحِ العوائدِ النافعةِ وغيرِها، وهو السبب الذي قَضَى على المسلمين بالانحطاطِ في الأخلاقِ والعوائدِ" (٢).

ويتصل بهذا الطريق أمران:

الأمر الأول: أنْ يتعلمَ أربابُ المذاهبِ، ويرسخَ في أذهانِهم أنَّ أئمتهم قد تخرجوا في مدارس متقاربةٍ، فأصولُهم متقاربةٌ، وكانتْ بينهم رَحِمُ العلمِ؛ إذ دَرَسَ بعضُ الأئمةِ على غيرِه من الأئمة (٣)، فالإمامُ الشافعي تلميذُ الإمامِ مالكٍ، والإمامُ أحمدُ تتلمذ للإمامِ الشافعي.

فمعرفةُ المتمذهبين بقربِ مذاهبِهم مِنْ بعضها في أصولِها، وبوقوع المحبةِ فيما بين أئمتِهم، دافعةٌ لهم أنْ يتّبعوا إمامَهم في هذا الأمرِ، وأنْ ينزعَ فتيلَ التعصبِ مِنْ قلوبِهم (٤).

الأمر الثاني: أنْ يقومَ علماءُ المذاهب العارفون بالآثارِ السلبيةِ بتحذيرِ أرباب مذهبِهم منها؛ لئلا يقعوا فيها، أو يتلَبسوا بشيءِ منها (٥).


(١) انظر: أدب الطلب (ص/ ٨٩).
(٢) أليس الصبح بقريب (ص/ ١٢٤).
(٣) انظر: المدخل إلى دراسة المذاهب للدكتور عمر الأشقر (ص/ ٢٦١)، والوسيط في تاريخ التشريع للدكتور أحمد الشرقاوي (ص/ ٢٤٢).
(٤) انظر: المدخل إلى دراسة المذاهب للدكتور عمر الأشقر (ص/ ٢٦٤).
(٥) انظر: أليس الصبح بقريب لابن عاشور (ص/ ١٣٥)، وشرائط الاجتهاد بين النظرية والتطبيق المعاصر للدكتور عبد المعز حريز، مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية، العدد: (٥٠)، (ص/ ٢٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>