للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• نوع الخلاف:

لم أقفْ - فيما رجعتُ إليه مِن مصادر - على مَنْ نصَّ على نوعِ الخلافِ في المسألةِ، والظاهرُ أنَّ الخلافَ خلافٌ معنوي، يظهر أثرُه فيمَنْ لم يستغنِ عن معرفةِ المنطقِ:

فالقائلون بعدمِ اشتراطِ معرفةِ المنطقِ في المجتهدِ، لا يُؤثّرُ جهلُه به في بلوغِ رتبةِ الاجتهادِ.

وعند المشترطين لمعرفة المنطق، لا تحصلُ له درجةُ الاجتهادِ.

أمَّا مَن استغنى عن علم المنطق، فيظهرُ لي أنَّ الخلافَ لفظيٌّ، أو يكادُ أنْ يكونَ لفظيًا؛ لأنَّ المشترطين لمعرفةِ علم المنطق؛ إنَّما اشترطوه؛ لصحةِ نظرِ المجتهدِ، وهي متحققةٌ له دونَ تَعَلّمِ لعلمِ المنطق، فالغاية مَن الشرطِ متحققةٌ، فلا وجهَ لسلبِ وصفِ الاجتهادِ عنه في هذه الحالةِ.

• سبب الخلاف:

يظهرُ أنَّ الخلافَ عائدٌ إلى أحدِ السببين الآتيين:

السبب الأول: حكمُ تعلّمِ علمِ المنطقِ؟

فمَنْ حرَّمَ تعلمَه، لم يجعلْه شرطًا للاجتهادِ، وهذا ما ذهبَ إليه أصحابُ القولِ الأول.

ومَنْ لم يحرّمْه، فقد اختلفتْ أقوالُهم في اعتبارِه شرطًا للاجتهادِ.

السبب الثاني: هل يمكنُ أنْ تتحققَ الغايةُ مِنْ علمِ المنطقِ - وهي عصمةُ الذّهنِ عن الوقوعِ في الخطأ - دونَ تعلمِه؟

مَنْ قال بإمكانِ تحققِها دونَ تعلّمِ علم المنطق، لم يجعله شرطًا للاجتهاد، وهذا ما ذهبَ إليه أصحابُ القولِ الأولِ.

ومَنْ قال بعدمِ إمكانِ تحققها في الغالب إلا بدراسةِ علمِ المنطقِ، اشترطَ معرفتَه، وهذا ما ذهبُ إليه أصحابُ القوَلِ الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>