للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نسبتِه إلى الجماعةِ، والأصلُ في نقلِ التلاميذِ اتحادُ المجلسِ (١).

مناقشةُ دليلِ أصحاب القولِ الثاني: قولُكم باتحاد المجلس مجرّدُ دعوى، ليس عليها دليلٌ، بل المقامُ يحتملُ اتحادَ المجلسِ، وعدمَه، وانفرادُ التلميذِ بالنقلِ يُرجّحُ تعددَ المجلسِ، وعدمَ اتحادِه، والأصلُ في الراوي الثقةِ عدمُ الغفلةِ (٢).

• الموازنة والترجيح:

بتأمّلِ القولين، وما استدلوا به، يظهرُ لي التفصيلُ الآتي:

أولًا: إذا ظهرتْ قرينةٌ ترجِّحُ تعددَ المجلسِ، نُسِبَ نقلُ التلميذِ المنفردِ إلى الإمامِ.

ثانيًا: إذا ظهرتْ قرينةٌ تدلُّ على اتحادِ المجلسِ، لم يُنْسبْ نقلُ التلميذِ المنفردِ إلى الإمامِ؛ لترجّحِ غفلتِه حينئذٍ.

ثالثًا: إذا لم تظهر قرينةٌ مُرجحةٌ لتعددِ المجلسِ، أو اتحادِه، نُسِبَ النقلُ إلى الإمامِ، لأنَّ الأصلَ في التلميذِ أنْ يكونَ عارفًا بمعاني كلامِ إمامِه.

رابعًا: إذا كانَ التلميذُ المنفردُ بالنقلِ كثيرَ الانفرادِ في نقلِه عنْ إمامِه، مخالفًا لما ينقلُه الباقون، فهنا يُتَوقفُ في نقلِه، فلا يُقبلُ؛ لكثرةِ مفاريدِه المخالفةِ لما ينقله البقيةُ، الموجبة للريبِ في ضبطِه وحفظِه.

يقولُ ابنُ القيمِّ - في حديثِه عنْ تفردِ حنبلٍ (٣) بالنقلِ عن الإمامِ


(١) انظر: المصدرين السابقين.
(٢) انظر: تصحيح الفروع للمرداوي (١/ ٤٨)، والإنصاف (١٢/ ٢٤٨).
(٣) هو: حنبل بن إسحاق بن حنبل الشيباني، أبو علي، ولد قبل المائتين، كان أحد الحفاظ والمحدثين، وهو ابن عم الإمام أحمد بن حنبل، وتلميذه، وأحد كبار أصحابه، وقد سمع المسند منه في بيته، قال عنه الخطيب البغدادي: "كان ثقةً ثبتًا"، وقال عنه الدارقطني: "كان صدوقًا"، وقال عنه أبو بكر الخلال: "جاء بمسائل أجاد فيها الرواية، وأغرب بشيءٍ منها"، من مؤلفاته: كتاب التاريخ، وكتاب الفتن، وكتاب المحنة، توفي سنة ٢٧٣ هـ وقد قارب الثمانين عامًا. انظر ترجمته في: تاريخ مدينة السلام للخطيب (٩/ ٢١٧)، وطبقات الفقهاء =

<<  <  ج: ص:  >  >>