للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحمدَ -: "فإنَّ حنبلًا تفرّدَ بها عنه - أيْ: عن الإمامِ أحمدَ - وهو كثيرُ المفاريدِ المخالفةِ للمشهورِ مِنْ مذهبِه، وإذا تفرّدَ بما يخالفُ المشهورَ: فالتحقيقُ أنَّها روايةٌ شاذةٌ مخالفةٌ لجادّةِ مذهبِه" (١).

ويقولُ أيضًا: "أصحابُ أحمدَ إذا انفردَ راوٍ عنه بروايةٍ تكلموا فيها، وقالوا: تفردَ بها فلانٌ، ولا يكادون يجعلونها روايةً؛ إلا على إغماضٍ، ولا يجعلونها معارضةً لروايةِ الأكثرين عنه، وهذا موجودٌ في كتبِهم" (٢).

وأمَّا القول بأنَّ انفرادَ التلميذِ بالنقلِ يُعَدُّ مِنْ قبيلِ الزيادةِ، فلا يظهرُ لي هذا الاستدلالُ؛ لأنَّ التلميذَ لم يتفردْ بزيادةٍ، وإنَّما انفردَ بنقلٍ مخالفٍ لما نَقَلَه البقيةُ، فهم يقولونَ مثلًا: قالَ الإمامُ: إنَّه حرام، وهو يقولُ: قال الإمامُ: إنَّه مباح، وهذه مخالفةُ، وليس بزيادةٍ.

• سبب الخلاف

يظهرُ أنَّ الخلافَ عائد إلى احتمالِ الخطأِ في نقلِ التلميذِ:

فمَنْ رجَّحَ احتمالَ الصواب على الخطأِ في النقلِ، صحّحَ نسبةَ القولِ إلى الإمامِ، وهذا ما سارَ عليه أصَحابُ القولِ الأولِ.

ومَنْ رجّحَ احتمالَ الخطأِ، لم يُصححْ نسبةَ القولِ إلى الإمامِ، وهذا ما سارَ عليه أصحابُ القولِ الثاني.

ويتصلُ بالقسمِ الأولِ: (نقلُ التلاميذِ قولَ إمامِهم) مسألتانِ، وهما:

المسألة الأولى: إذا أجابَ إمامُ المذهبِ بآيةٍ أو حديثٍ أو بقولِ


= للشيرازي (ص/ ١٥٩)، وطبقات الحنابلة لابن أبي يعلى (١/ ٣٨٣)، وطبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي (٢/ ٣٠٠)، وسير أعلام النبلاء (١٣/ ٥١)، والوافي بالوفيات للصفدي (٤/ ٢٩٦)، والمقصد الأرشد لابن مفلح (١/ ٣٦٥)، والمنهج الأحمد للعليمي (١/ ٢٦٤)، والدر المنضد له (١/ ٦٣).
(١) مختصر الصواعق المرسلة (٣/ ١٢٣٥) تصرف.
(٢) الفروسية المحمدية (ص/ ٢٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>