للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاجتهادِ، هل يجوزُ له تقليدُ مَنْ هو أعلمُ منه؟ ... وذَكَرَ أبو الحسن (١) أنَّه قول أبي حنيفةَ: إنَّ له تقليدَه، وأنَّ له أنْ يعملَ برأيه" (٢).

ويقولُ أبو عبد الله الصيمري: "عند أبي حنيفةَ: أن للعالمِ أنْ يقلِّد غيرَه مِن العلماءِ، وَيدَعَ قولَ نفسِه، وإنْ عملَ على رأيه جازَ له" (٣).

وأمامنا تجاه ما جاءَ عن الإمامِ أبي حنيفةَ أمورٌ:

الأول: أنْ نردَّ الاتفاقَ المحكيَّ في المسألةِ؛ لوجودِ الخلافِ المنقولِ عن الإمامِ أبي حنيفةَ.

وفي هذا الأمرِ بُعدٌ؛ لتتابعِ محققي الأصوليين - ومنهم علماءُ مِن المذهب الحنفي - على حكايةِ الاتفاقِ، دونَ أدنى إشارةٍ إلى ما وَرَدَ عن الإمامِ أَبي حنيفةَ.

الثاني: أنْ نضعّفَ ثبوتَ ما وَرَدَ عن الإمامِ أبي حنيفةَ، فنجعل القولَ المذكورَ غيرَ ثابتٍ عنه.

الثالث: أنْ نؤولَ كلامَ الإمامِ أبي حنيفةَ بحملِه على ما إذا كان رأيُ المجتهدِ مخالفًا لقولِ صحابي، فحينئذٍ يُخيَّر (٤).


(١) المقصود بأبي الحسن هو أبو الحسن الكرخي، وهو: عبيد الله بن الحسين بن دلال البغدادي الكرخي، أبو الحسن، ولد سنة ٢٦٠ هـ كان إمامًا فقيهًا أصوليًا كبير القدر، زاهدًا قانعًا، متعففًا عابدًا، دينًا خيّرًا فاضلًا، انتهت إليه رئاسة المذهب الحنفي، واشتهر اسمه، وبَعُد صيته، رماه أبو الحسن بن الفرات بالاعتزال، ونعته شمس الدين الذهبي بأنه رأس في الاعتزال، من مؤلفاته: الجامع الكبير، والجامع الصغير، والأشربة، توفي سنة ٣٤٠ هـ. انظر ترجمته في: تاريخ مدينة السلام للخطيب (١٢/ ٧٤)، وسير أعلام النبلاء (١٥/ ٤٢٦)، والبداية والنهاية (١٥/ ٢٠٩)، والجواهر المضية للقرشي (٢/ ٤٩٣)، وتاج التراجم لقطلوبغا (ص / ٢٠٠)، ولسان الميزان لابن حجر (٥/ ٣٢١)، والفوائد البهية للكنوي (ص/ ١٣٩).
(٢) الفصول في الأصول (٤/ ٢٨٣).
(٣) مسائل الخلاف في أصول الفقه (ص/٣٧٨).
(٤) قارن بالمسودة (٢/ ٨٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>