للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألةِ: أن المجتهدَ لو اجتهدَ، فأدّاه اجتهادُه إلى خلافِ قولِ مَنْ هو أعلمُ منه، لم يجزْ تركُ رأيه والأخذ برأي ذلك الغيرِ، فَوَجَبَ أنْ لا يجوزَ، وإنْ لم يجتهدْ، لأنَّه لا يأمن (١) لو اجتهدَ أنْ يؤديه اجتهادُه إلى خلافِ ذلك القول (٢)، فقد جَعَلَ المنعَ مِنْ تقليدِه بعدَ الاجتهادِ محل وفاقٍ" (٣).

ثانيًا: اتفقَ الأصوليون على أنَّ للمجتهدِ إذا اجتهدَ، وتوصّلَ إلى رأي محددٍ، تَرْكَ قولِ الأعلمِ.

يقولُ أبو حامدٍ الغزالي: "وله - أيْ: المجتهد إذا توصّلَ إلى رأي - أنْ يأخذَ بظنِّ نفسِه وفاقًا، ولم يلزمْه تقليدُه - أي: الأعلم - لكونِه أعلم" (٤).

ويقولُ أبو الخطاب: "لا خلافَ أنَّه يجوزُ تركُ قولِ الأعلم باجتهادِه" (٥).

وقد حكى ابنُ مفلحٍ (٦)، وأمير باد شاه (٧) الاتفاقَ على هذا الأمرِ.

ثالثًا: حكى بعضُ الأصوليين الاتفاقَ على أنَّه يجوزُ للمجتهدِ أنْ يقلِّد غيرَه مِن المجتهدين عند ضيقِ الوقتِ، وعُسرِ الوصولِ إلى الحكمِ.

يقولُ أبو حامدٍ الغزالي: "وقد اتفقوا على جوازِ التقليدِ عند ضيقِ الوقتِ، وعُسْرِ الوصولِ إلى الحكمِ بالاجتهادِ والنظرِ" (٨).

ويقولُ الشيخُ محمد بخيت المطيعي: "وكل ما حُكي مِنْ هذه الأقوالِ - وغيرِها ممَّا لم يحكَ هنا - إنَّما هو عند تمكّنِ المجتهدِ مِن الاجتهادِ، وأمَّا إذا لم يتمكنْ بأنْ مَنَعَه مانعٌ، أو خاف فوتَ الحادثةِ، فلا خلافَ في


(١) في: المصدر السابق (٢/ ٨٦٢): "يأس"، وصححتها من التمهيد في أصول الفقه لأبي الخطاب (٤/ ٤١٢).
(٢) انظر: التمهيد في أصول الفقه (٤/ ٤١٢).
(٣) المسودة (٢/ ٨٦٢).
(٤) المستصفى (٢/ ٤٦١).
(٥) التمهيد في أصول الفقه (٤/ ٤١٢). وانظر: المسودة (٢/ ٨٦٣).
(٦) انظر: أصول الفقه (٤/ ١٥١٧).
(٧) انظر: تيسير التحرير (٤/ ٢٢٩).
(٨) المنخول (ص/ ٤٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>