للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جوازِ تقليدِه مجتهدًا آخر" (١).

وما حكاه الغزاليُّ، والمطيعيُّ محلُّ نظرٍ؛ لوجودِ المخالفِ في تقليدِ المجتهدِ لغيرِه مِن المجتهدين حتى عند ضيقِ الوقتِ؛ يقولُ أبو إسحاقَ الشيرازي: "فأمَّا العالمُ فلا يجوزُ له تقليدُ غيرِه في شيءٍ مِن الشرعيات، سواء خَشِيَ فواتَ الوقتِ، أو لم يخشَ الفواتَ" (٢).

ثمَّ إنَّ أبا حامد الغزاليَّ لم يحكِ هذا الاتفاق في كتابِه: (المستصفى) حين تكلّمَ عن المسألةِ (٣).

ويمكنُ حملُ ما حكاه الغزاليُّ والمطيعيُّ على أنَّ الأَوْلى أنْ لا يقعَ في هذه الحالةِ خلافٌ، فيُحمل كلامُهما على الأولويةِ، وقد صرَّح بها ابنُ الهمامِ الحنفي (٤).

أو يُحملُ كلامُهما على بعضِ الصورِ الجزئيةِ التي يترتبُ على الاجتهادِ فيها تفويتُ مصلحةٍ كبرى، كما لو قلَّد المجتهدُ في القبلةِ - وكان مِنْ أهلِ الاجتهادِ فيها - مجتهدًا آخر إذا ضاق الوقتُ، وخافَ فوات الصلاةِ فيما لو اشتغلَ بالاجتهادِ (٥).

رابعًا: محل الخلافِ في المجتهدِ قبلَ أنْ يتوصلَ إلى رأي محددٍ - سواء اجتهدَ فلم يتوصلْ إلى شيء، أو لم يجتهدْ أصلًا - هل له أنْ يقلِّدَ مجتهدًا آخر؟

• الأقوال في المسألة:

اختلفَ العلماءُ في هذه المسألةِ على أقوال كثيرة، أهمّها:

القول الأول: المنعُ مِنْ تقليدِ المجتهدِ لغيرِه مِن المجتهدين مطلقًا، سواءٌ مع ضيقِ الوقتِ أو مع سعتِه، وسواء أكان المقلَّدُ أعلمَ أم لا.


(١) سلم الوصول (٤/ ٥٩٢).
(٢) شرح اللمع (٢/ ١٠١٢).
(٣) انظر: المستصفى (٢/ ٤٥٧ - ٤٦١).
(٤) انظر: التحرير (٤/ ٢٢٨) مع شرحه تيسير التحرير.
(٥) انظر: البرهان (٢/ ٨٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>