للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كسائرِ العباداتِ المؤقتةِ، لا يجوزُ تركُ شروطِها؛ لخوفِ فواتِها، ولأن يُجعل الإشكالُ في الدليلِ عذرًا مبيحًا للتأخيرِ، أولى مِنْ أن يُجعلَ عذرًا لإسقاطِ الاجتهادِ، والرجوعِ إلى التقليدِ" (١).

وأجيب عن تجويزِهم أداء العبادةِ في وقتِها مع عدمِ التقليدِ: بأنَّه لا يجوزُ أداءُ العبادةِ مع الجهلِ، مع إمكانيةِ حصولِ أدنى ظنٍّ بحكمِها، فإذا أدَّى المجتهدُ العبادةَ بتقليدِ غيرِه، فقد حصّلَ أدنى ظنٍّ بحكمِها، وهذا خيرٌ مِنْ أدائِها مع الجهلِ (٢).

الدليل الرابع: في تقليدِ المجتهدِ لغيرِه مِن المجتهدين مع ضيقِ الوقتِ، تحصيلٌ للعملِ في الوقتِ المحددِ بقولِ مجتهدٍ ما، وهذا أولى مِنْ إخلاءِ الوقتِ عن وظيفتِه؛ لتوقّعِ ظهورِ الحكمِ بالاجتهادِ (٣).

أدلة أصحاب القول الخامس: استدلَّ أصحابُ القولِ الخامسِ (القائلون بجواز تقليد المجتهد لغيره من المجتهدين فيما يخصه، دون ما يفتي فيه) بأدلةٍ، منها:

الدليل الأول: يجوزُ للمجتهدِ التقليدُ في الأمورِ التي تخصّه؛ لأنَّه محتاجٌ إلى التقليدِ؛ ليعملَ، أمَّا في الفتوى، فهو غيرُ محتاجٍ إلى التقليدِ، فلا تجوزُ له الفتوى بناءً على التقليدِ، لأنَّ له أنْ يحيلَ على غيرِه (٤).

مناقشة الدليل الأول: لا نُسلّمُ لكم أنَّ المجتهدَ محتاجٌ إلى التقليدِ فيما إذا عملَ؛ بلْ هو محتاج إلى معرفةِ الحكمِ الشرعي، وتحصلُ معرفةُ الحكمِ بالاجتهادِ، لا بالتقليدِ (٥).


(١) الواضح في أصول الفقه (٥/ ٢٥٦).
(٢) انظر: أصول الفقه عند القاضي عبد الوهاب للدكتور عبد المحسن الريس (ص/ ٥٨٢).
(٣) انظر: شرح مختصر الروضة (٣/ ٦٣٦).
(٤) انظر: شرح اللمع (٢/ ١٠٣٠)، وشرح تنقيح الفصول (ص/ ٤٤٤)، ورفع النقاب (٦/ ١٦٣).
(٥) انظر: شرح اللمع (٢/ ١٠٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>