للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدليل الثاني: أنَّ غرضَ المستفتي للمجتهدِ الأخذُ برأي المجتهدِ نفسِه، لا رأي غيرِه، وما دام المسؤولُ ليس عنده رأي في المسألةِ، فليس له أنْ يفتيَ فيها برأي غيرِه؛ لعدمِ السؤالِ عنه.

أمَّا في خاصة نفسِه، فله أنْ يقلِّدَ مَنْ شاء؛ لوثوقِه به (١).

ويمكن مناقشة الدليل الثاني: بأنَّه لا فرقَ بين الحالين: عمل المجتهدِ، وإفتائه؛ لأنَّ القولَ إنْ كان راجحًا يجوزُ الأخذُ به للعملِ وللإفتاءِ، وإنْ كان مرجوحًا لم يجز العمل به، ولا الإفتاءُ (٢).

أدلةُ أصحاب القولِ السادس: استدلَّ أصحابُ القولِ السادسِ (القائلون بجواز تقلَيد المجتهد لغيره من المجتهدين عند تعذر الاجتهاد) بأدلةٍ، منها:

الدليل الأول: أنَّ الواجبَ في الشرعِ يسقطُ بالعجزِ عنه، وهنا المجتهدُ عاجزٌ عن الاجتهادِ، فينتقلُ إلى بدلِه، وهو التقليد، ويكونُ حالُ المجتهدِ كحالِ مَنْ عَدِم الماءَ ينتقلُ إلى التيمم (٣).

الدليل الثاني: أنَّ المجتهدَ في حالِ عجزِه عن الاجتهادِ - لأي سبب - بمنزلةِ العامي، فيجوزُ له التقليدُ (٤).

• الموازنة والترجيح:

بعد عرضِ أهمِّ الأقوالِ في المسألة وأدلتها، وما وَرَدَ عليها مِنْ مناقشاتٍ، يظهرُ لي رجحانُ القولِ السادسِ، وهو منعُ المجتهدِ مِنْ تقليدِ


(١) انظر: نزهة المشتاق شرح اللمع (ص/ ٧٨٧)، بواسطة: التقليد في الشريعة لعبد الله الشنقيطي (ص/١١٧).
(٢) انظر: التقليد في الشريعة لعبد الله الشنقيطي (ص / ١١٧).
(٣) انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام (٢٠/ ٢٠٤).
(٤) انظر: أصول الفقه للدكتور عياض السلمي (ص/ ٤٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>