للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المثال الثاني: يقولُ ابنُ رجبٍ - أيضًا -: "فأمَّا الصلاةُ في غيرِ موضعِ صلاةِ العيدِ، كالصلاةِ في البيتَ أو في المسجدِ إذا صليت العيد في المصلى: فقال أكثرُهم: لا تكره الصلاةُ فيه قبلها ولا بعدها ... وقالتْ طائفةٌ: لا صلاةَ يومَ العيدِ حتى تزولَ الشمسُ ... واختار هذا القولَ أبو بكرٍ الآجري (١)، وأنَّه تُكره الصلاةُ يومَ العيدِ حتى تزول الشمسُ، وحكاه عن أحمدَ، وحكايتُه عن أحمدَ غريبةٌ" (٢).

سابعًا: أنْ يُعلَّ النقلُ بأنَّ إمامَ المذهبِ قد صرَّح بعدمِ الأخذِ به.

قد يُنْسَبُ قولٌ ما إلى إمامِ المذهب، ويكون ذلك أثناء حياتِه، ثمَّ يُصرِّح الإمامُ نفسُه بأنَّه لم يذهبْ إليه، فحينئذٍ لا يُنسبُ القول إليه؛ لتصريحِه بعدمِ الأخذِ به.

مثال ذلك: سأل صالحٌ الإمامَ أحمدَ بن حنبل عن الرجلِ يأتي امرأتَه فيما دونَ الفرجِ، هل يجبُ عليه الغُسْلُ؟ قال: لا، إلا أنْ يُنزلَ، فإذا التقى الختانان وَجَبَ الغُسل، إذا توارت الحشفةُ. قلت: وكنتَ تذهب (٣) إلى أنَّ الماءَ من الماءِ؟ قال: لا، مَنْ يكذب عليّ في هذا أكثرُ مِنْ ذلك (٤).


(١) هو: محمد بن الحسين بن عبد الله البغدادي، أبو بكر الآجُرِّي، ولد ببغداد كان إمامًا محدثًا فقيهًا قدوةً ثقةً صدوقًا خيِّرًا عابدًا، صاحب سُنة واتِّباع، وكان شيخ الحرم الشريف، كانت بينه وبين ابن بطة مكاتبات، وقد اختلف في مذهبه الفقهي: فقال تقي الدين بن تيمية: إنه مالكي المذهب، وقال العليمي الحنبلي عنه: "من أكابر الأصحاب"، وقد ذكر ابن خلكان أنه كان شافعي المذهب، وذكره تاج الدين السبكي، وجمال الدين الإسنوي في طبقات الشافعية، وقد صنَّف في الفقه والحديث كثيرًا، من مؤلفاته: الشريعة، وأخلاق العلماء، والرؤية، وصفة الغرباء من المؤمنين، والأربعين حديثًا، توفي بمكة سنة ٣٦٠ هـ وكان عمره ثمانين سنة. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان لابن خلكان (٤/ ٢٩٢)، وسير أعلام النبلاء (١٦/ ١٣٣)، وتذكرة الحفاظ للذهبي (٣/ ٩٣٦)، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي (٣/ ١٤٩)، وطبقات الشافعبة للأسنوي (١/ ٧٩)، والمقصد الأرشد لابن مفلح (٢/ ٣٨٩)، والمنهج الأحمد للعليمي (٢/ ٢٧٠)، وشذرات الذهب لابن العماد (٤/ ٣١٦).
(٢) فتح الباري لابن رجب (٩/ ٩٣ - ٩٤).
(٣) تصحفت في المطبوع من: مسائل الإمام أحمد رواية ابنه صالح (١/ ١٣٠) إلى: "تهذب".
(٤) المصدر السابق (١/ ١٣٠ - ١٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>