للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه (١).

وليس معنى هذا الشرط أنْ لا يأخذَ معلومةً مِنْ كتابٍ حتى يقطعَ بنسبتِه إلى مؤلفِه، بل المقصودُ أنْ يتثبّتَ مِنْ نسبةِ الكتاب إلى مؤلفِه، إنْ كانَ ثمة إشكالٌ في صحةِ النسبةِ، أمَّا الكتب المشهورةُ، فلا تحتاجُ إلى تأكّدٍ وتثبّتٍ؛ لاستفاضةِ نسبتِها إلى مؤلفيها.

يقولُ العزُّ بن عبد السلام: "أمَّا الاعتمادُ على كتبِ الفقهِ الصحيحةِ الموثوقِ بها، فقد اتفق العلماءُ في هذا العصرِ على جوازِ الاعتمادِ عليها، والاستنادِ إليها؛ لأنَّ الثقةَ قد حصلتْ بها، كما تحصلُ بالروايةِ، ولذلك اعتمدَ الناسُ على الكتبِ المشهورةِ في النحوِ واللغةِ والطبِّ وسائرِ العلومِ؛ لحصولِ الثقةِ بها، وبُعدِ التدليسِ" (٢).

ولا يحتاجُ الناقلُ مِنْ كتابٍ أنْ يكونَ متصلَ الإسنادِ إلى مؤلفه، كما تقدم.

وقد تقدَّمتْ حكايةُ الأستاذِ أبي إسحاقَ الإسفراييني الإجماعَ على جوازِ النقلِ مِن الكتبِ، وأنَّه لا يشترطُ اتصالُ السندِ إلى مؤلفيها.

الشرط الثاني: سلامةُ الكتابِ مِن التحريفِ والتصحيفِ (٣).

لا بُدَّ أنْ يكونَ الكتابُ سالمًا مِن التحريفِ والتصحيفِ؛ ليأمن مِن الوقوعِ في الخطأِ؛ إذ النسخةُ التي يكثرُ فيها التحريفُ تكون محلًا للخلطِ في نسبةِ القولِ، وعدمِ فهمِ المرادِ على الوجهِ الصحيحِ، ويمكنُ التأكّدُ مِنْ سلامةِ الكتابِ بالرجوعِ إلى الكتبِ الأخرى في المذهبِ، ولا سيما الكتبُ المهتمة بتحريرِ أقوالِ المذهبِ.


(١) انظر: أصول الإفتاء للعثماني (ص/ ٣٧٠) مع شرحه المصباح في رسم المفتي.
(٢) نقل كلامَ العز بن عبد السلام ابنُ فرحون في: تبصرة الحكام (١/ ٨١)، والسيوطيُ في: الأشباه والنظائر (٢/ ٥٨٤)، والونشريسيُّ في: المعيار المعرب (١٠/ ٤٢).
(٣) انظر: نفائس الأصول (٩/ ٤١١١)، وسلم الوصول لمحمد المطيعي (٤/ ٢٦)، والمدخل المفصل إلى فقه الإمام أحمد (١/ ١٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>