للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثال ذلك: يقولُ تقيُّ الدينِ بنُ تيمية: "السنةُ أنْ يرميَها - أيْ: جمرة العقبة - مِنْ بطنِ الوادي ... هذا هو المذهبُ المعروفُ المنصوصُ ... وقال حربٌ (١): سألتُ أحمدَ، قلتُ: فإنْ رمى الجمرةَ مِنْ فوقِها؟ قال: لا، ولكنْ يرميها مِنْ بطنِ الوادي ... وذَكَرَ القاضي عن حربٍ عن أحمدَ: لا يرمي الجمرةَ مِنْ بطنِ الوادي، ولا يرمي مِنْ فوقِ الجمرةِ.

وهذا غلطٌ على المذهبِ؛ منشاه الغلطُ في نقلِ الروايةِ ... ولعل سببَه أنَّ النسخةَ التي نَقَلَ منها روايةَ حربٍ كان فيها غلطٌ، فإني نقلتُ روايةَ حربٍ مِنْ أصلٍ متقنٍ قديمٍ مِنْ أصحِّ الأصولِ" (٢).

الشرط الثالث: معرفةُ اصطلاحِ المؤلِّفِ في كتابِه، إنْ كان له اصطلاحٌ.

مِن المؤلفين مَنْ له اصطلاحٌ خاصٌ به - والغالب أنَّه سيوضحه في مقدمةِ كتابِه - قد يغايرُ فيه غيرَه مِن المؤلفين، وإذا كان الأمرُ كذلك، فلا بُدَّ مِنْ معرفةِ اصطلاحِ المؤلِّف؛ ليأمنَ الناظرُ فيه مِن الوقوعِ في الغلطِ في نسبةِ القولِ، وليتحققَ له فهمُ مرادِ المؤلِّفِ على الوجهِ الصحيحِ.

الشرط الرابع: معرفةُ اصطلاحاتِ المذهبِ في نقلِ مذهبِهم.

تختلفُ اصطلاحاتُ المذاهب في تحديدِ المرادِ في بعضِ المصطلحات، ولذا كان مِن اللازمِ علىَ الناظرِ في كتبِ المذهبِ، إنْ أرادَ


(١) هو: حرب بن إسماعيل بن خلف الحنظلي الكرماني، أبو محمد، وقيل: أبو عبد الله، كان رجلًا جليل القدر، فقيهًا حافظًا، علامةً، ابتدأ حياته سالكًا مسلك المتزهدين في عصره، ولذا تأخر في لقاء الإمام أحمد، فلم يلقه إلا في سن متقدمة، وقد نقل حربٌ عن الإمام أحمد فقهًا كثيرًا، من مؤلفاته: كتاب مسائل الإمام أحمد، قال عنه شمس الدين الذهبي: "من أنفس كتب الحنابلة، وهو كبير في مجلدين"، توفي سنة ٢٨٠ هـ وقد عُمّر وقارب التسعين. انظر ترجمته في: طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى (١/ ٣٨٨)، وطبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي (٢/ ٣١٣)، وسير أعلام النبلاء (١٣/ ٢٤٤)، والمقصد الأرشد لابن مفلح (١/ ٣٥٤)، والمنهج الأحمد للعليمي (٢/ ٩٥).
(٢) شرح العمدة، كتاب الحج (٢/ ٥٣٠ - ٥٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>