للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع عدم مراعاةِ اختلافِ الأعرافِ (١).

يُوْجَدُ في مُدوّناتِ المذاهب الفقهيةِ أحكامٌ مبنيةٌ على العُرفِ، والعُرفُ - كما هو معلومٌ - يتغيّرُ ويتبدلُ، ويأتي الخطأُ إلى مَنْ ينقلُ المذهبَ دونَ انتباهٍ إلى بناءِ الحكمِ فيه على العُرفِ، الأمر الذي يجعلُ المذهبَ تابعًا لتغيّرِ العُرفِ.

يقولُ شهابُ الدّينِ القرافي: "إيّاكَ أنْ تقولَ: أَنَا لا أفهمُ منه - أيْ: من قول القائل: أنتِ عليَّ حرام - إلا الطلاقَ؛ لانَّ مالكًا - رحمه الله - قاله، أو لأنَّه مسطورٌ في كتبِ الفقهِ؛ لأنَّ ذلك غَلَط، بلْ لا بُدّ أنْ يكونَ ذلك الفهمُ حاصلًا لك مِنْ جهةِ الاستعمالِ والعادةِ، كما يحصلُ لسائرِ العوامّ - كما في لفظِ: الدابةِ والبحرِ والروايةِ - فالفقيهُ والعامي في هذه الألفاظِ سواءٌ في الفهمِ، لا يسبقُ إلى أفهامِهم إلا المعاني المنقول إليها، هذا هو الضابط، لا فهم ذلك مِنْ كتبِ الفقهِ ... بل المسطّرُ في الكتب تابعٌ لاستعمالِ الناسِ، فافهمْ ذلك" (٢).


= - وتعريف الشيخ أحمد المنقور في كتابه: الفواكه العديدة (١/ ١٣٥)؛ إذ عرف العرف بأنه: ما استقر من الأمور في العقول، وتلقته الطباع السليمة بالقبول.
التعريف الثاني: ما تعارفه الناسُ، وساروا عليه من قولٍ، أو فعلٍ، أو تركٍ. وهذا تعريف الأستاذ عبد الوهاب خلاف في كتابه: علم أصول الفقه (ص/ ٨٩)، واختاره الدكتور عمر الأشقر في كتابه: الأعراف البشرية (ص/ ١٥).
التعريف الثالث: عادةُ جمهور قوم في قولٍ، أو فعلٍ. وهذا تعريف الأستاذ مصطفى الزرقا في كتابه: المدخل الفقهي العام (١/ ١٤١).
التعريف الرابع: ما غلب على الناس من قولٍ، أو فعلٍ، أو ترك. وهذا تعريفُ الشيخِ محمد الطاهر بن عاشور في كتابه: التوضيح والتصحيح (ص/ ٢٢٣) - ونقله عنه الدكتورُ السيد عوض في كتابه: أثر العرف في التشريع (ص/ ١٣٩) - وأحمدَ الرجراجي في كتابه: منار السالك (ص/ ٤٩)، والباحث عادل قوته في كتابه: العرف (١/ ٩٨).
وراجع الحاشية رقم (٣) من المصدر السابق، فقد ذكر الباحث عادل قوته عددًا من العلماء الذين ذكروا هذا التعريف.
(١) انظر: الفروق للقرافي (١/ ٣٨٤)، وإعلام الموقعين (٤/ ٤٧٠)، وشرح عقود رسم المفتي لابن عابدين (ص/ ٨٤).
(٢) الفروق (١/ ١٣٨)، وانظر منه: (١/ ١٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>