للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومراتب الحكوماتِ ... لكنَّه غيرُ خبيرٍ بأصولِ الشريعةِ، وهي في حقِّه منقسمةٌ إِلى أصلِ جهلِه! أو أَغْفَلَه وذَهَلَ عنه، وإِلى آخر تمسك به وما راعاه! ... وأَمَّا الإِمامُ مالكٌ، فلا يُشَقُّ غبارُه في ضبطِ ما يصحُّ مِن الأخبارِ والآثارِ والأقضيةِ ووقائع الصحابةِ ... لكنَّه يَنْحَلُّ بعض الانحلالِ في الأمورِ الكليةِ! ... وأمَّا الشَّافعي، فإِنَّه أعرفُ خلقِ الله بأصولِ الشريعةِ، وأضبطُهم لها، وأشدُّهم كيسًا واتِّقادًا في مآخذِها وتنزيلها منازلِها ... " (١).

وأنتَ ترى كيفَ أنَّ إِمامَ الحرمين الجويني على سعةِ علمِه وجلالةِ فضلِه، لم يسلمْ مِن الحطِّ مِن شأنِ أئمةِ المذاهبِ المخالفةِ لمذهبِه.

ويقولُ أبو بكرِ السرخسي: "أمَّا الشَّافعي - رحمه الله - حينَ لم يجوِّز العملَ بالمراسيلِ، فقد تَرَكَ كثيرًا مِن السننِ، وحين لم يقبلْ روايةَ المجهولِ، فقد عطَّل بعضَ السُنّة أيضًا ... ثمَّ جوَّزَ العملَ بقياسِ الشبهِ ... وتبيَّن أنَّ أصحابَنا هم القدوةُ في أحكامِ الشرعِ: أصولها وفروعها، وأنَّ بفتواهم اتَّضحَ الطريقُ للناسِ ... " (٢).


(١) المصدر السابق (٢/ ٧٤٧ - ٧٤٩). وانظر في تفضيل مذهب الإِمام الشَّافعي: معرفة السنن والآثار للبيهقي (١/ ٢١٣)، وقواطع الأدلة (٥/ ١٧٤ وما بعدها)، والمحصول في علم أصول الفقه للرازي (٥/ ٣٩٣ وما بعدها)، وإِرشاد الطالبين إِلى المنهج القويم له (ص / ٤١٩ وما بعدها)، وأدب المفتي والمستفتي (ص/ ١٦٣ - ١٦٤)، ومنع الموانع لابن السبكي (ص/ ٤٤٣)، والإِبهاج في شرح المنهاج (٧/ ٢٧١٥ وما بعدها)، وفرائد الفوائد للسلمي (ص/ ١٢٠)، والعقد الفريد للسمهودي (ص/ ١٤١)، والدر النضيد في أدب المفيد للغزي (ص/ ٢١٧)، ومقدمة تحقيق الرسالة لأحمد شاكر (ص/ ٥).
وقد أكْثَرَ أبو حامد الغزالي في: المنخول (ص/ ٤٩٥ وما بعدها) من الحط من قدر الإِمام أبي حنيفة - رحمه الله - واتهمه بكثرة الخبط والتخليط والوقوع في المناقضات، وقلب ظهر الشريعة!
وهذه زلة من أبي حامد - رَحِمَه الله - والظاهر لي أن أبا حامد قد رجع عن قوله في الإِمام أبي حنيفة؛ لأنَّه أثنى عليه في علمه ودينه في كتابه: إِحياء علوم الدين (١/ ٤٧ - ٤٨).
(٢) أصول السرخسي (٢/ ١١٣). وانظر في تفضيل مذهب الإِمام أبي حنيفة: أصول البزدوي (١/ ١٥ - ١٨) مع شرحه كشف الأسرار، وكشف الأسرار للبخاري (١/ ١٥ - ١٨)، والطبقات السنية للغزي (١/ ١١٥ وما بعدها)، وفواتح الرحموت (٢/ ١٥٤)، ورد المحتار على الدر المختار (١/ ١٧٦ وما بعدها)، والرفع والتكميل للكنوي (ص/ ٦٩)، وفقه أهل العراق =

<<  <  ج: ص:  >  >>