للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان غالبُ نشاطِ كثيرٍ من المتمذهبين منحصرٌ في العملِ على تحريرِ المذهبِ، والتمييزِ بين الأقوالِ الضعيفةِ والقويةِ فيه (١).

الأمر الثاني: ازدادَ التعصبُ المذهبي بين صفوفِ كثيرٍ مِن المتمذهبين (٢).

يقول الشيخُ صديقٌ حسن خان (ت: ١٣٠٧ هـ) عن ظاهرةِ التعصّبِ المذهبي في عصرِه: "فهذا النوعُ مِن الافتراقِ في هذا العصرِ موجودٌ ومشاهدٌ بكثرةٍ في بلادِ الهندِ، لعلك شاهدتَ أنَّ المقلِّدين للمذهبِ الحنفي لا يُصَلّون خلف مَن يجهر بـ: آمين، ويرفع اليدين في مسجدٍ واحدٍ، ويحسبون المتبعَ أسوأ مِنْ المقلِّد، حتى انفصلت المساجدُ، وتباينت المذاهبُ، وتوزَّع أهلُ المذاهب إلى طوائف ... ووَصَلَ التفرقُ والخلافُ إلى حدِّ تجاوز التبديعَ إلى أن يُكفرَ بعضُهم بعضًا" (٣).

ويقولُ الشيخ محمد رشيد رضا (ت: ١٣٥٤ هـ) (٤): "بَلَغَ مِنْ إيذاءِ بعضِ المتعصبين لبعضٍ في طرابلس الشام في آخر القرنِ الثالث عشر الهجري، أنْ ذَهَبَ بعضٌ شيوخِ الشافعيةِ إلى المفتي - وهو رئيس العلماء - وقالَ له: اقسم المساجدَ بيننا وبين الحنفيةِ؛ لأنَّ فلانًا من فقهائهم يعتبرنا كأهل


(١) انظر: مناهج الاجتهاد في الإسلام للدكتور محمد مدكور (ص/ ٩٧).
(٢) انظر: القول المفيد للشوكاني (ص / ١٤٤)، وأدب الطلب ومنتهى الأرب له (ص/ ١٣٨، ٢٤٨)، والمدخل المفصل إلى فقه الإمام أحمد (١/ ١٠٧).
(٣) دليل الطالب على أرجح المطالب (ص/ ١٩٤).
(٤) هو: محمد رشيد بن علي رضا بن محمد بن محمد القلموني البغدادي الأصل الحسيني، ولد بقلمون في الشام سنة ١٢٨٢ هـ ونشأ بها، كان مائلًا إلى التزهد والتصوف، ثم رحل إلى مصر سنة ١٣١٥ هـ ولزم الأستاذ محمد عبده وتتلمذ له، وقد أصدر مجلة المنار بمصر، كان مهتمًا بالتفسير والحديث والتاريخ والأدب، من مؤلفاته: تفسير المنار، والوحي المحمدي، توفي سنة ١٣٥٤ هـ. انظر ترجمته في: الأعلام للزركلي (٦/ ١٢٦)، وإخاء أربعين سنة لشكيب أرسلان (ص/ ٢٠)، والمعاصرون لمحمد كرد علي (ص/ ٣٣٤)، ومشاهير علماء نجد للآل الشيخ (ص/ ٤٨٦)، ومعجم المؤلفين لكحالة (٣/ ٢٩٣)، والموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير (٣/ ٢٥٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>