للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد نَعَتَ ابنُ حمدان أهلَ هذه الطبقةِ بأصحابِ الأوجهِ والطرقِ في المذهبِ (١).

وإذا رأى الفقيهُ مِنْ أهلِ هذه الطبقةِ حُكْمًا ذَكَرَه إمامُه بدليلٍ، فإنَّه يكتفي بذلك، ولا يبحثُ عن معارضٍ أو غيرِه، يقولُ ابنُ حمدان بعدَما قرّر هذا: "وهو بعيدٌ" (٢).

ولعل سبب البُعْدِ هو اجتماع شروطِ الاجتهادِ الرئيسةِ لأهلِ هذه الطبقةِ التي تؤهِلُهم للنظرِ في الأدلةِ، وما يعارضها.

الطبقة الثالثة: يُمثلها مَنْ كان فقيهَ النفسِ، حافظًا لمذهبِ إمامِه، عارفًا بأدلتِه، قائمًا بتقريرِ مذهبِه ونصرتِه، يصوّرُ ويحررُ (٣)، ويقررُ ويزيّفُ، ويرجّحُ (٤)، لكنَّه قَصُرَ عن رتبةِ أهلِ الطبقةِ الثانيةِ: (أصحاب الوجوه والطرق)؛ إمَّا لأنَّه لم يبلغْ في حفظِ المذهب مبلغهم، وإمَّا لعدمِ تبحّرِه في أصولِ الفقهِ ونحوه - غير أن الفقيه في هَذه الطبقة لا يخلو مِنْ معرفةِ القواعدِ الأصولية في ضمن ما يحفظه مِن الفقهِ، ويعرفُه مِنْ أدلتِه - وإمَّا لتقصيرِه في العلومِ المشترطةِ في أصحابِ الوجوهِ والطرقِ (٥).

ويقولُ ابنُ حمدان عن أهلِ هذه الطبقةِ: "وهذه صفةُ كثيرٍ مِن المتأخرين الذين رتَّبوا المذاهبَ، وحرروها، وصنفوا فيها تصانيف بها يشتغلُ الناسُ اليومَ غالبًا" (٦).

وفتاوى أهلِ هذه الطبقةِ مقبولةٌ، لكنَّها لا تبلغُ درجةَ فتاوى أصحابِ الوجوه (٧)، ورُبَّما تطرّق أهلُ هذه الطبقةِ إلى تخريجِ قولٍ، أو استنباطِ وجهٍ واحتمالٍ (٨).


(١) انظر: المصدر السابق.
(٢) المصدر السابق.
(٣) في: المصدر السابق (ص/ ٢٢): "يجوز"، وهو تصحيف، والمثبت من الطبعة التي حققها الدكتور أحمد حسون (ص/ ٢٨٤) ضمن مجموع: الموسوعة في آداب الفتوى.
(٤) انظر: صفة الفتوى (ص/ ٢٢).
(٥) انظر: المصدر السابق.
(٦) المصدر السابق.
(٧) انظر: المصدر السابق.
(٨) انظر: المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>