للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقولُ - أيضًا -: "انقرضَ المجتهدُ المطلقُ المنتسبُ في مذهبِ الإمامِ أبي حنيفةَ بعد المائة الثالثة" (١).

وظاهرُ صنيعِ الدهلوي حينَ مثّلَ للقسمِ الأولِ بالأئمةِ الأربعةِ، أنَّه يرى اندراجَ أصحاب الإمامِ أبي حنيفةَ في القسمِ الثاني - وقد مثّل لهذا القسمِ بكبارِ العلماءِ مِن الشافعيةِ (٢) - فمن انتقدَ ابنَ كمال باشا حين عدَّ أصحاب الإمام أبي حنيفة، كأبي يوسفَ ومحمد بن الحسن وزفر مِن المجتهدين المقلِّدين له في أصولِه، فإنَّ نقدَه يتوجّه إلى الدهلوي (٣).

ويعدُّ المجتهدُ في القسيم الثاني مِن المتمذهبين في الأصولِ دونَ الفروعِ، وتمذهبُه في الفروعِ تمذهبٌ اسمي.

الطبقة الثانية: المجتهدُ في المذهبِ (٤).

المجتهدُ في هذه الطبقةِ سلَّمَ لشيخِه الخصلتين: الأُولى والثانية المتقدم ذكرهما قبلَ قليل، وجَرَى مجراه في التفريعِ على منهاجِ تفاريعه (٥)، فهو مقيّدٌ بالمذهبِ متَّبعٌ لإمامِه في جُلِّ ما يجدُ فيه نصَّه، حافظٌ لأصولِه وفروعِه (٦).

وقد سمَّى الدهلويُّ المجتهدَ في هذه الطبقةِ بالمخرِّجِ (٧)، وقالَ عنه: "هو مقلِّدٌ لإمامِه فيما ظَهَرَ فيه نصُّه، لكنَّه يَعْرِفُ قواعدَ إمامِه، وما بَنَى عليها مذهبه، فإذا وقعتْ حادثةٌ لم يَعْرِفْ لإمامِه نَصًّا فيها، اجتهد على مذهبِه، وخرَّجها مِنْ أقوالِه، وعلى منوالِه" (٨).


(١) الإنصاف في بيان أسباب الاختلاف (ص/ ٣٦).
(٢) انظر: عِقْد الجِيد (ص/ ١٧).
(٣) انظر: التخريج عند الفقهاء والأصوليين للدكتور يعقوب الباحسين (ص/ ٣٠٨).
(٤) انظر: الإنصاف في بيان أسباب الاختلاف (ص/ ٣٥)، وعِقْد الجِيْد (ص/ ٥).
(٥) انظر: الإنصاف في بيان أسباب الاختلاف (ص/ ٣٥).
(٦) انظر: المذهب الحنفي لأحمد نقيب (١/ ١٨٧).
(٧) انظر: عِقْد الجِيْد (ص/١٧).
(٨) المصدر السابق (ص/ ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>