للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بُعِثَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بها (١).

مناقشة الدليل الثاني: لا نُسَلّمُ لكم أن تتبعَ الرخصِ داخلٌ في مدلولِ الحنيفيةِ السمحةِ؛ لأنَّ السماحةَ المرادة في الحديثِ ما كانتْ مقيدةً بما هو جارٍ على أصولِ الشريعةِ، وليسَ تتبعُ الرخصِ بجارٍ على أصولِها (٢).

الدليل الثالث: عن عائشةَ - رضي الله عنه - قالتْ: (ما خُيِّرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بين أمرين إِلَّا أَخَذَ أيسرَهما) (٣)، وهذا يدلُّ على تجويزِ اتباعِ القولِ الأخفِّ (٤).

مناقشة الدليل الثالث: إِنَّ للحديثِ تتمةً تردُّ استدلالكم، وهي قولها: (ما لم يكنْ إِثمًا) (٥)، ونحنُ نَرَى أنَّ في تتبعِ الرخصِ إِثمًا.

الدليل الرابع: ليس مِنْ مقاصدِ الشريعةِ إِلزامُ الناسِ بالمشاقِّ، ولم تَرِد الشريعةُ به، بلْ وَرَدَتْ بتحصيلِ مصالِحهم الخاصة والعامة (٦)، وإِذا لم تكن المشاقُّ مقصودةً، فليسَ في تركِها إِلى الرخصِ حرجٌ.

الدليل الخامس: أنَّ اختلافَ المذاهبِ الفقهيةِ رحمةٌ، ويجوزُ أخذُ


(١) انظر: نفائس الأصول (٩/ ٤١٩٤)، ونشر البنود (٢/ ٣٥٠)، وفتح العلي المالك لعليش (١/ ٦٣)، والتقليد في الشريعة الإِسلامية لعبد الله الشنقيطي (ص/ ١٥١)، والتقليد والإِفتاء لعبد العزيز الراجحي (ص/ ١٦٦)، وأصول الفقه للدكتور وهبة الزحيلي (٢/ ١١٥٤)، والأخذ بالرخص الشرعية له، مجلة مجمع الفقه الإِسلامي، العدد: الثامن (١/ ٦١).
(٢) انظر: الموافقات (٥/ ٩٩)، ومقاصد المكلفين للدكتور فيصل الحليبي (ص/ ٨٨٩).
(٣) أخرج الحديث: البخاري في: صحيحه، كتاب: المناقب، باب: صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - (ص/ ٦٨٢)، برقم (٣٥٦٠)؛ ومسلم في: صحيحه، كتاب: الفضائل، باب: في مباعدته - صلى الله عليه وسلم - للآثام، واختياره من المباح أسهله (٢/ ١٠٩٧)، برقم (٢٣٢٧).
(٤) انظر: التقرير والتحبير (٣/ ٣٥١)، وتيسير التحرير (٤/ ٢٥٤)، وفواتح الرحموت (٢/ ٤٠٦)، والتقليد في الشريعة الإِسلامية لعبد الله الشنقيطي (ص/ ١٥١)، وتبصير النجباء للدكتور محمد الحفناوي (ص/ ٢٨٨)، والتقليد والإِفتاء لعبد العزيز الراجحي (ص / ١٦٦)، وأصول الفقه للدكتور بدران أبو العينين (ص/ ٤٩١)، وأصول الفقه للدكتور وهبة الزحيلي (٢/ ١١٥٤).
(٥) انظر: التقليد وأحكامه للدكتور سعد الشثري (ص/ ١٥٧).
(٦) انظر: نفائس الأصول (٩/ ٤١٩٤)، والتقليد والإِفتاء لعبد العزيز الراجحي (ص/ ١٦٦)، والانتصار لمذهب مالك للدكتور عبد الكبير المدغري، ندوة الإِمام مالك (٢/ ١٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>