للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

اللَّهِ} [الفرقان: ١٧] ولم يقل: وما يعبدون من دوننا، وقال تعالى {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ} [النحل: ٧٤] ولم يقل أنه يعلم، وقال تعالى {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ} [لقمان: ٢٥] ولم يقل الحمد لله، وقال الشاعر وهو عدي بن زيد (١):

لا أرى الموتَ يسبقُ الموتَ شيءٌ … نغَّص الموتُ ذا الغني والفقر

فأعاد ذكر الموت بلفظه، ولم يكنِّ عنه بالهاء، ولم يقل لا أرى الموت يسبقه شيء، وقال المتلمس (٢):

فأطرق إطراق الشجاع ولو يرى … مساغًا لِنَابيه الشجاع لصمما

فأعاد ذكر الشجاع بلفظه.

فإن قيل: فالهاء ترجع على الله على وجهه، وهو قوله على "صورة الرحمن" بمعنى على صفاته، فيكون معنى الصورة معنى الصفة، كما يقال عرِّفني صورة هذا الأمر، أي صفته، وذلك أن الله تعالى حي، عالم، قادر، سميع، بصير متكلم مريد، خلق آدم على صفته، مما هي صفات الله تعالى حيًّا عالمًا قادرًا سميعًا بصيرًا متكلمًا مختارًا مريدًا، فميَّزه من الجماد ومن البهائم، وميزه من الملائكة بأن قدَّمه عليهم وأسجدهم له.

ويبين صحة هذا قوله تعالى {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ} [الأعراف: ١١] فعطف الصورة على خلق البُنية (٣).


(١) عدي بن زيد بن حمار بن زيد يكنى أبا عمير، نصراني عبادي، سكن الحيرة فلان لسانه وسهل منطقه، وكان كاتبًا لكسرى (معجم الشعراء (ص ٢٤٩ - ٢٥٠) للمرزباني).
(٢) هو جرير بن عبد المسيح الضبعي، من ربيعة بن نزار. (المؤتلف والمختلف للحسن بن بشر الآمدي ص ٧١).
(٣) ذكره الحافظ في الفتح (١١/ ٣).

<<  <   >  >>