للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحفاظ على نقل زيادة باطلة أو ضعيفة، والذي حكاه أحمد عن الثوري أنه وقفها، لا يدل على ضعفها لأنه لا يجوز أن لا تقع له هذه الزيادة، وتقع لغيره، ومثل هذا لا ترد به الأخبار.

٧٨ - وعلى أن أبا القسم عبد الرحمن بن منده روى عن حمدان بن علي قال سمعت أحمد يقول وسأله رجل عن الحديث الذي رُوي عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "إن الله خلق آدم على صورته" على صورة آدم، فقال أحمد: فأين الذي يُروى عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "إن الله خلق آدم على صورة الرحمن"، وهذا من أحمد دليل على صحته.

فإن قيل: لا يجوز أن تكون هذه الزيادة صحيحة، لأنه لا يجوز هذا في اللغة لأن ما تقدم ذكره بالاسم الظاهر، فإنه إذا أعيد ذكره كني عنه بالهاء من غير إعادة اسمه الظاهر، كقولك: زيد ضرب عبده، ولا يقال: زيد ضرب عبد زيد، والمراد بزيد الثاني (١) الأول، وإذا لم يكن سائغًا من جهة اللغة، لم يكن للاستعمال له وجه.

قيل: هذا غلط، لأنه قد يصح ذلك في العربية، وقد ورد بذلك القرآن وأشعار العرب، قال تعالى: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (٨٥)} [مريم: ٨٥] ولم يقل إلينا أو إليه، وكان يجب على ما قالوه أن يقول (إلينا) لئلا يعيد الاسم الأول، لأن النون هي اسم الرحمن، وقال تعالى {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [الفرقان: ١٧] ولم يقل (إلينا) أو إليه، وكان يجب على ما قالوه أن يقول إلينا لئلا يعيد الاسم الأول، لأن النون هي اسم الرحمن، وقال تعالى {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ (٢) وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ


(١) في الأصل: المراد بزيد بالثاني، ولا يستقيم.
(٢) في الأصل: نحشرهم وهو خطأ.

<<  <   >  >>