للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٩٩ - وروى أبو حفص بإسناده: عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال: رأى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ربه بفؤاده مرتين (١).

١٠٠ - وروى أيضًا بإسناده: عن عكرمة عن ابن عباس قال: رأى محمد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ربه بقلبه (٢).

وهذا الاختلاف عنه ليس براجع إلى ليلة المعراج، إنما هو راجع إلى رؤيته في المنام في غير تلك الليلة، رآه بقلبه على ما نبينه فيما بعد، وما رويناه عن ابن عباس أولى مما روي عن عائشة، لأن قول ابن عباس يطابق قول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أثبت رؤيته في تلك الليلة، ولأنه مثبت والمثبت أولى من النافي، ولا يجوز أن يثبت ابن عباس ذلك إلا عن توقيف، إذْ لا مجال للقياس في ذلك (٣).

فإن قيل: قوله "رأيت رِبي" إنما هو بكسر الراء، وهو اسم كان لعثمان -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- رآه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في النوم في تلك الصفات، أو يكون المراد التابع


(١) أخرج مسلم نحوه، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا حفص عن عبد الملك عن عطاء عن ابن عباس قال: رآه بقلبه.
وأخرج ابن خزيمة في التوحيد (ص ٢٠٠) عن سفيان عن جرير عن عطاء عن ابن عباس قال: رآه مرتين. وإسناده حسن.
(٢) إسناد ضعيف، أخرجه الترمذي (٥/ ٣٩٦) وابن جرير (٢٧/ ٢٨) وابن خزيمة في التوحيد (ص ٢٠٠) عن إسرائيل بن يونس عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (١١)} قال: رآه بقلبه.
سماك هو ابن حرب، وفي روايته عن عكرمة خاصة اضطراب. وعزاه السيوطي في الدر (٧/ ٦٤٦) إلى عبد بن حميد وابن المنذر والطبراني. لكن الأثر يشهد له ما سبق.
(٣) قول ابن عباس لا يدل على أن مذهبه إن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رأى ربه تعالى بعينه، بل الروايات الصحيحة السابقة وهي قوله "رآه بقلبه" تدل على خلاف ذلك، وأما الروايات المطلقة أن محمدًا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رأى ربه تعالى، فتحمل على المقيدة حتى يتم الجمع بين الأدلة، والله أعلم.

<<  <   >  >>