للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بأولى من إثبات الكف، لأننا نطلق اسم الوضع بين كتفيه، كما أطلقنا خلقه لآدم بيديه، فما (١) يتطرق على هذا يتطرق مثله هناك، ورأيت بعضهم يقول غير ممتنع أن تُلاقي كف الصفة لكتفي النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا على منع ملاقاة الجسم للجسم، لكن على معنى ملاقاة الجسم لنور الشمس والقمر، قال: وهذا ظاهر ما جاء في الحديث "فوجدت بردها بين كتفي" ولأنه ليس في الملاقاة أكثر من مقاربة المحدث من القديم.

١٠٦ - وقد جاء الشرع بذلك: فروى "إن الله يدني عبده حتى يضع عليه كنفه" (٢) ولأنه قد قال تعالى {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: ٧٩] قال: يقعده معه على العرش (٣)، ولأن هذا غير ممتنع


(١) كتب فوقها في الأصل حرف "ن" أي لعلها "فمن" بدل "فما" وما أثتبناه أقرب للصواب.
(٢) أخرجه البخاري (٨/ ٣٥٣) (١٠/ ٤٨٦) (١٣/ ٤٧٥) ومسلم (٤/ ٢١٢٠) وابن ماجه (١/ ٦٥) عن صفوان بن محرز قال: بينا ابن عمر يطوف إذ عرض رجلٌ فقال: يا أبا عبد الرحمن -أو قال يا ابن عمر- هل سمعت النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في النجوى؟ فقال: سمعت النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "يُدني المؤمن من ربه - وقال هشام: يدنو المؤمن حتى يضع عليه كَنَفَه فيُقرره بذنوبه: تعرف ذنب كذا؟ فيقول: أعرف، يقول رب أعرف (مرتين)، فيقول: سترتها في الدنيا، وأغفرها لك اليوم، ثم تطوى صحيفة حسناته، وأما الآخرون -أو الكفار- ينادى على رؤوس الأشهاد: هؤلاء الذين كذبوا على ربهم" واللفظ للبخاري، ومعنى كَنَفَة: أي ستره، والمعنى أنه تحيط به عنايته التامة (الفتح ١٣/ ٤٧٧).
(٣) لم يصح في معنى هذا حديث ولا أثر -في حد علمي- بل كل ما جاء فيه معلول، وقد حكم عليها شيخ الإسلام ابن تيمية بالوضع كما مر معنا سابقًا في المقدمة. فقد أخرج الطبراني في الكبير (١٢/ ٦١) عن عبد الله بن صالح حدثني ابن لهيعة عن عطاء بن دينار الهذلي عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس أنه قال في قوله الله عز وجل {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: ٧٩] قال: يجلسه فيما بينه وبين جبريل، ويشفع لأمته فذلك المقام المحمود.
قال الهيثمي في المجمع (٧/ ٥١): وفيه ابن لهيعة وهو ضعيف إذا لم يتابع، وعطاء بن دينار لم يسمع من سعيد بن المسيب. =

<<  <   >  >>