قيل: هذا غلط لأنه إن جاز تأويل الكف على ما قالوه، جاز تأويل قول {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} على ذلك، ولأن قدرته ونعمته لا تختص الكفين، بل هي عامة في جميع مقدوراته، وما قاله الشاعر من أن الأمور بكف الإله مقاديرها، لا يشبه هذا، لأنه قد فسَّر ما بكفه وهو تقدير الأمور، وذلك لا يختص الكف لأنه صفته، وتدبير الأشياء لا يحصل بالصفات، وإنما يحصل بالذات فأمَّا ها هنا فإنما أضاف إلى الكف فعلًا، كما أضاف إلى اليد فعلًا وهو خلق آدم.
فإن قيل: قوله "بين كتفي" معناه أَوْصَلَ إلى قلبه من لُطفه ونوره وفوائده، لأن القلب بين الكتفين، وهو محل الأنوار والعلوم.
قيل: هذا غلط، لأن القلب لا يوصف بوضع الكف فيه، وإنما يوصف ذلك بالكتفين.
فإن قيل: قوله "فوجدت بردها" يحتمل برد النعمة، بمعنى روحها وأثرها من قولهم: عيش بارد إذا كان رغدًا في رفاهية وسعة.
قيل: هذا غلط، لما بينا أن الكف ليس معناه النعمة، وإذا لم يكن معناه النعمة لم يصح التأويل عليه (١).
فإن قيل: قوله "فوجدت برد أنامله" يحتمل آثار إحسانه ونعمه ورحمته في صدري، فتجلى لي ما بين السماء والأرض:
قيل: هذا غلط، لما بينَّا من أن إحسانه ونعمه لا يختص القلب والكف والأنامل، ولأنه إن جاز تأويل الأنامل على ذلك، جاز تأويل اليدين على النعمتين، والوجه على الذات.
* * *
(١) نقل هذه التأويلات البيهقي في "الأسماء والصفات" (ص ٣٠٠ - ٣٠١).