للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبغير فهم (١).

فأخبر عن نفسه بالرؤية فدلَّ على جوازه.

١١٥ - والوجه في جوازه: ما روى أبو هريرة قال: قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "رؤيا الرجل الصالح، جزءٌ من ستةٍ وأربعين جزءًا من النبوة" (٢).

فوجه الدلالة أنه أخبر أن الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة، وما كان من النبوة لا يكون إلا حقًّا، ولا يكون باطلًا، فوجب أن تكون رؤية الله حقا (٣).


(١) رواه ابن الجوزي في "مناقب الإمام أحمد" (ص ٤٣٤) باب ذكر المنامات التي رآها أحمد ابن حنبل.
وسيأتي الكلام على هذه المسألة.
(٢) أخرجه البخاري (١٢/ ٤٠٤) ومسلم (٤/ ١٧٧٣) عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة مرفوعًا به، لكن قال في رواية مسلم: جزء من خمس وأربعين جزءًا.
وتابعه أبو صالح عن أبي هريرة، أخرجه مسلم (٤/ ١٧٧٤).
وتابعهما أبو سلمة عن أبي هريرة، أخرجه مسلم (٤/ ١٧٧٤).
وتابعهم همام بن منبه عن أبي هريرة، أخرجه مسلم (٤/ ١٧٧٤).
(٣) تكلم شيخ الإسلام ابن تيمية -رَحِمَهُ اللهُ- عن هذه المسألة في كتابه "تلبيس الجهمية" فقال في معرض بيانه للوهم والخيال ومطابقته للحقيقة:
وقد يكون التوهم والتخيل مطابقًا من وجه دون وجه، فهو حق في مرتبته، وإن لم يكن مماثلًا للحقيقة الخارجة مثل ما يراه الناس في منامهم. وقد يرى في اليقظة من جنس ما يراه في منامه. فإنه يرى صورًا وأفعالًا، ويسمع أقوالًا، وتلك أمثال مضروبة لحقائق خارجية، كما رأى يوسف سجود الكواكب والشمس والقمر له، فلا ريب أن هذا تمثله وتصوره في نفسه، وكانت حقيقته سجود أبويه وأخوته، كما قال: {يَاأَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا} [يوسف: ١٠٠]، وكذلك رؤيا الملك التي عبرها يوسف حيث رأى السنبل بل والبقرة، فتلك رآها متخيلة متمثلة في نفسه وكانت حقيقتها وتأويلها من الخصب والجدب. فهذا التمثل والتخيل حق وصدق في مرتبته بمعنى أن له تاويلًا صحيحًا يكون مناسبًا له ومشابهًا له من بعض الوجوه، فإن تأويل الرؤيا مبناها على القياس والاعتبار =

<<  <   >  >>