للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ووعيده وهكذا قوله {وَجَاءَ رَبُّكَ} [الفجر: ٢٢] معناه مجيء ذاته، لأن حمله على مجيء الأمر والملك يُسقط فائدة التخصيص بذلك اليوم، لأن أمره سابق، ولأن هذا يوجب تأويل "ترون ربكم"، ولأنه ليس في حمله على ظاهره ما يُحيل صفاته لأنَّا لا نثبت مجيئ انتقال، بل نثبت مجيئًا غير معقول، كما أثبتنا ذاتًا ونفسًا ووجهًا ويدًا (١).

١٢٠ - وقد قال أحمد في رواية حنبل في قوله {وَجَاءَ رَبُّكَ} قال: قدرته قال أبو إسحاق بن شاقلا هذا غلط من حنبل لا شك فيه، وأراد أبو إسحاق بذلك أن مذهبه حمل الآية على ظاهرها في مجيئ الذات هذا ظاهر كلامه والله أعلم.

١٢١ - وقد قال أحمد في رواية أبي طالب {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ} [البقرة: ٢١٠] {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر: ٢٢] فمن قال أن الله لا يرى فقد كفر وظاهر هذا أن أحمد أثبت مجيئ ذاته، لأنه احتج بذلك على جواز رؤيته، وإنما يحتج بذلك على جواز رؤيته إذا كان الإتيان والمجيئ مضافًا إلى الذات.


(١) وهو الصواب الذي عليه أئمة السلف، وجمهور الأمة، واختاره ابن جرير في تفسيره (٢/ ١٩١) فقال: وأولى التأويلين بالصواب في ذلك تأويل من وجه قوله {فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} إلى أنه من صلة فعل الرب -عَزَّ وَجَلَّ-، وأن معناه هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام وتأتيهم الملائكة.
قال: ثم اختلف في صفة إتيان الرب تبارك وتعالى الذي ذكره في قوله {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ} فقال بعضهم: لا صفة لذلك غير الذي وصف به نفسه -عَزَّ وَجَلَّ- من المجيء والإتيان والنزول، وغير جائز تكلف القول في ذلك لأحد إلا بخبر من الله -عَزَّ وَجَلَّ- أو من رسول مرسل، فأما القول في صفات الله وأسمائه، فغير جائز لأحد من جهة الاستخراج إلا بما ذكرنا. اهـ
ولا شك في صحة هذا القول، وهو من القواعد الثابتة لأهل السنة والجماعة، أنهم لا يتكلمون في أسماء الله وصفاته إلا بقول الله تعالى وقول الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

<<  <   >  >>